حول مسألة التشيع ومخاطرها على تونس

لا ينكر إلا جاهل أن الشيعة من أهل القبلة ومسلمون مثلنا تماما. ولا ينكر إلا جاهل أن بلادنا كانت مركزا للخلافة الفاطمية وهي خلافة شيعية إسماعيلية (غير اثني عشرية إيران) وعليه ليس التشيع في حد ذاته لمن نشأ عليه جريمة وبطبيعة الحال ما من مشكلة في محبة آل البيت ولا في التعاطف مع مأساة الحسين .

بل أكثر من ذلك تمتلك بلادنا تراثا شيعيا بعضه مدون في كتب التاريخ وبعضهم راسخ في تقاليدنا، وهو ككل تراث يدعونا لمعرفته المعرفة العلمية والموضوعية وحمايته من التشويه بل وتوظيفه في ما يخدم التقدم.

أين المشكل في عودة التشيع إذن ؟

أولا العودة

كل عودة أيا كانت هي تقهقهر وإعدام لتجارب التاريخ، والتاريخ لا يعترف بالرجوع إلى الخلف حتى لو كان هذا الماضي براقا.

ثانيا الاثناعشرية

التشيع الإيراني الإمامي الاثناعشري لم تعرفه بلادنا قط .

ثالثا وهو الأهم

التشيع الإيراني لا يطرح نفسه كموروث ثقافي بل كمشروع سياسي ومجتمعي يقوم على ولاية الفقيه ناسفا الشورى والديمقراطية من جذورها وواضعا البلاد في دائرة نفوذ أمة صديقة –ربما- ولكن مصالحها ليست دائما مصالحنا، وصدق عمر بن الخطاب حين قال إذا ذلّ العرب ذلّ الإسلام.

رابعا وهو الخطير

إن الرأسمال الرمزي الوطني هو بالأساس سنّيّ مالكي أشعري العقيدة ..إليه انتهى أسلافنا و هو ضمان لوحدتنا الدينية، وإذا كان تديننا وعلاقتنا بالإسلام محتاجين إلى إصلاح وإعادة قراءة فالمنطلق هو ما انتهت إليه التجربة التاريخية ..غير ذلك سيمزق وحدتنا الهشة بطبعها ويزرع بيننا طائفية هي أخطر ما يهدد أمننا واستقرارنا والسلم الأهلية .

خامسا وهو الأخطر

إن التشيع الإمامي الاثناعشري الطارئ على ربوعنا لم يكن نتاجا لحراك فكري طبيعي داخل المجتمع حتى نتعامل معه على أساس أنه جزء من حرية التفكير والمعتقد بل هو جهد منظم و مموّل يعلم الله من يقف وراءه بصفة مباشرة و بصفة غير مباشرة وخبيثة ..فلو كان الأمر يتعلق بأفراد يعتقدون في ما يعتقدون لكان الأمر هيّنا؛ أنا نفسي لدي تعاطف خاص مع الفاطميين ولكن أن يتحول الأمر إلى مؤسسات قائمة (منظمة آل البيت ... ..الحسينيات) فهذا أمر يدعو إلى أكثر من الريبة ويلبس الحق بالباطل وتلك هي الفتنة لعن الله من أيقظها، لعن الله من أيقظها.

أخيرا

أمامنا أعباء ومسؤوليات تاريخية (تنمية تشغيل استقلال تقدم ..) من العار أن نتخلى عنها لنعود إلى خصومات فصلت فيها دراسات التاريخ.

لعله من حق من غدر بالحسين أن يواصل اللطم ندما، ولكننا في هذه البلاد لم نغدرهم ولم نستدرجهم للمحرقة بل نجل آل البيت ونعترف بفضلهم محبتهم جزء من إيماننا ولا نحتاج أحدا ليعلمنا ذلك، كما لم نكن محتاجين في القرن الماضي أن يعلمنا ابن عبد الوهاب ديننا، وقد كفانا علماء الزيتونة الجواب.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات