إسرائيل وتحدي الأجيال الغربية الجديدة:

التحركات الأخيرة التي شهدتها بعض الجامعات الأمريكية إضافة إلى بعض الجامعات الأوروبية تأتي لتؤكد على جدية التحدي الذي تواجهه إسرائيل واللوبيات الداعمة لها في أوروبا والغرب عموما.

على امتداد سنوات اشتغلت بعض مراكز الدراسات الأمريكية والغربية (مركزي غالوب وبيو بالأساس)على مراقبة التحول في علاقة بالنظرة لإسرائيل في الأوساط الشبابية وخاصة في اوساط الديمقراطيين الشباب. تؤكد هذه الدراسات على الارتفاع الملحوظ لدعم القضية الفلسطينية في هذه الاوساط مقابل تراجع التأييد للرواية الإسرائيلية إضافة إلى انحسار ملحوظ لمستوى الثقة في بنيامين نتنياهو وحكومته.

بقراءة "جيلية" لمجمل هذه الدراسات ونتائجها، أجمع المعلقون على الإقرار بأن إسرائيل بدأت تفقد التأييد لدى شرائح واسعة في المجتمع الأمريكي خصوصا ممن هم في العشرينات. آخر هذه الدراسات هي الدراسة التي نشرها مركز بيو الأمريكي أمس والتي كشفت على أن مستوى الثقة في نتنياهو لدى من هم دون الثلاثين لا تتجاوز 13%

تأتي هذه النتائج لتؤكد على معضلة بدأت تقلق القيادة الإسرائيلية في السنوات الأخيرة وهي معضلة التأييد الأمريكي والغربي لإسرائيل.حتى أن بعض الباحثين الاسرائيليين دعوا لتشديد العمل على نشر صورة إيجابية عن إسرائيل من خلال تدعيم الشراكات البحثية مع الجامعات الغربية، استدعاء النخب الأكاديمية و"قادة المستقبل" و"صناع الرأي" للجامعات الإسرائيلية للحفاظ على الصورة النمطية المصنوعة إعلاميا عن "واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط". لكن القيادة الإسرائيلية الحالية التي يقودها تحالف يميني بنزعة هوياتية كان لها اهتمامات اخرى تتركز على تدعيم الاستيطان في الضفة الغربية وهي تنادي اليوم باستيطان غزة. وقد شكل دخول سموتريتش وبن غفير الحكومة الإسرائيلية بداية اتساع الفجوة بين عديد النخب الديمقراطية والقيادة الإسرائيلية.

هذه العوامل ساهمت في هز الصورة الوردية التي تم صياغتها عبر لوبيات الضخ الإعلامي. ومع العدوان الحالي تصاعدت النبرة المناهضة لنتنياهو.

وبقراءة سريعة لردود فعل النخب المعروفة بتأييدها لإسرائيل يمكن أن نرى حجم الهستيريا الذي أحدثته موجة التظاهرات الأخيرة في الجامعات الأمريكية والغربية. هستيريا دفعتهم لتركيب مصطلحات من قبيل islamo-gauchisme وislamo-wokisme في رفض كلي لتحليل الشرخ الذي يشق المجتمعات الغربية سياسيا . تفر هذه النخب لاستدعاء البعد الحضاري والثقافي متغاضية عن التركيبة الهجينة لصانعي الحراك (حركات تؤسس لتأليفية نضالية تجمع بين مناهضة الامبريالية والاستعمار والعنصرية وتبني القضايا الجندرية) .

ولئن ارتكز الخطاب الرسمي الأمريكي على الوصم بمعاداة السامية في ربط غريب وخبيث بين توجيه النقد لإسرائيل وقيادتها الحالية وبين معاداة السامية فإن ضحالة هذا الطرح الرسمي لتؤكد على حجم الحرج الذي وقع فيه الساسة الامريكيون والغربيون عموما جراء ما تقوم به حليفتهم في غزة وانكشافهم أمام هذه النخب الشابة التي تقوم بتعريتهم أمام فداحة الجريمة المقترفة.

لا شك أن صورة رجال الشرطة وهم يخرجون الطلبة من الساحة عنوة ويوقفون بعض اساتذتهم ستحفر عميقا في الوعي الشبابي الغربي. مما لا شك فيه أيضا أن فلسطين لم تعد قضية مرتبطة بدين أو بعرق، فهي تكسب يوما بعد يوم تأييدا أكبر وأكبر، تضع الديمقراطيات الغربية أمام تناقضاتها، والشباب هنا تملؤه الدهشة والغضب إزاء ما آلت إليه هذه الديمقراطيات، هذا ما لمسته أمس حين كانت الشرطة تحيط بنا من كل جانب في حرم السوربون قبل أن تطردنا من الحي اللاتيني بسبب علم وهتاف…

ما لذي سيؤول إليه هذا الحراك؟ تأسيس لوبي داعم لفلسطين؟ ربما…

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات