الصّراع مع الإسلاميين بأساليب غير ديمقراطية هو "مشروع حُكم" هيمَني

عندما كانت الأصوات الفكرية والسياسية القليلة عَالية ضد حركة النهضة وضد الحركات السّلفية بجميع تفرعاتها (2011-2013) من أجل بناء حياة ديمقراطية مُضادّة لنزعات الإلغاء والاغتيالات والتصفية، كان الكثير من "أبطال" 25 جويلية يتوَافدون على مقرّ حركة النهضة في مونبليزير، وعلى مقرّ حزب نداء تونس في البُحيرة. وسُحِبَ اليسَار سحبًا من مواقعه ولُغَته ومشروعه الجبهوي نحو لغة اليمين ما بعد- البورقيبي، ضمن ما سُمّي بجبهة الإنقاذ سنة 2013.

-جزء لا بأس به من أبطال العهد الكاريكاتوري الجَديد كانوا إمّا مع "التّنسيب" في اتجاه اليمين الديني (جزء كبير من القوميين) أو كانوا في اتجاه التنسييب نحو اليمين "العلمانوي" (جزء كبير من يسارات الجبهة الشعبية).وفي الأثناء كان الرئيس سعيّد يُقدّم فتاواه القانونية دون التورّط في أي موقف سياسي واضح (ولا يُذكر له موقف قديم واضح من الاغتيالات والتطرفات الأصولية).

-ما أردت قوله أن الصراع السياسي مع الإسلاميين (بشكله القديم والحالي) ارتبط بحسابات الحكم ودائما ما تقوم به السلطة أو الباحث عن تركيز سلطته (بن علي، نداء تونس، قيس سعيد). وفي الأثناء يُجدّد الجهاز الأمني السلطوي نفسه على قاعدة المعركة "المُقدسة" ضد الإسلاميين.

-دائما ما يُفرض الصراع مع الاسلاميين من داخل هيمنة السلطة ووفقا لمنطقها التصفوي وأجهزتها الجامدة (لأنه صراع غير مُكلِف وعادة ما يَفتح على عهد استبدادي طويل). ولكن في الأثناء مازال الصراع المَدَني والاجتماعي الفعلي غير مُخَاض، لأنه مرتبط بالضرورة بفكرة البديل الديمقراطي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي المستقل عن حسابات السلطة والأجهزة (الذي تفتقده جميع اليسارات للأسف).

-الاسلاميون لم تكبَح جماحهم الـ33 سنة من الاستبداد والسجون والمنافي، وإنما أضعفتهم الدينامية الديمقراطية المستقلة لما بعد 2011 (داخل المجلس وخارجه). وفي الوقت الذي تحوّلوا فيه إلى "حزب-سيستام" بقيادة جناح الغنوشي لم يتشكل بديل يساري مجتمعي مستقل ووازن، وإنما حاولت الكثير من اليسارات (الجبهة الشعبية البرلمانية) مصارعتهم بمنطق "السيستام" نفسه. ومازالت اليسارت المُصطفة وراء الرئيس سعيّد تُصارعهم بنفس المنطق أيضا.

-الصّراع مع الإسلاميين بأساليب غير ديمقراطية هو "مشروع حُكم" هيمَني وليس مشروع جديد للمجتمع والدولة والاقصاد. والتيارات المرتبطة بقيس سعيد (وقيس سعيّد نفسه) لا تقل محافظة اجتماعية وايديولوجية عن الاسلاميين، وجزء كبير منها مرتبط بالأجهزة وليس بمشروع سياسي.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات