جانفي .. الفصل الدستوري الأبرز

المعركة مع قيس سعيد منذ يومها الأول معركة دستورية .. منذ أن دخل قرطاج بدأ يأكل في الدستور .. في الصلاحيات الممنوحة للرئاسة، في توزيع السلطات، في معاداة النخبة التي توافقت حول فصوله ، في التحالف مع أطراف لا تؤمن بالحكم الدستوري ( هذا ما فعله الضباط الأحرار في عبد الرزاق السنهوري الفقيه الدستوري الأبرز في تاريخ مصر : ظهيرة يوم 28 (مارس/آذار) عام 1954 خرجت عدة تظاهرات عمالية بتوجيه من "هيئة التحرير" رافعين شعار "لا للديموقراطية"، ومطالبين باستكمال الثورة، وهاتفين بحياة الجيش وعبد الناصر، ومنادين بسقوط الأحزاب والنقابات "الرجعية" وسقوط الدستور والحرية والديموقراطية،

وفي اليوم التالي قبل ظهر يوم 29 مارس 1954 توجهت مجموعة من عمال النقل، من بينهم أشخاص يوزعون منشورات مكتوب عليها "أوان الديموقراطية لم يأت بعد"، إلى مقر مجلس الدولة بالجيزة، وما إن وصلوا هناك حتى علت هتافات ضد عبد الرزاق باشا السنهوري شخصيا، ينعتونه فيها بالجاهل والخائن ويهتفون بسقوطه وموته.

وما إن توقفت المسيرة خارج بوابة المجلس المغلقة، حتى دخل أحد الضباط إلى مكتب السنهوري وطلب منه الخروج إلى حديقة المحكمة لمخاطبة الموجودين فيها والتهدئة من روعهم، وبمجرد خروجه، اقتحمت جموع المتظاهرين فناء المجلس وانقض بعضهم على السنهوري بالسب والضرب، وحينئذ فقط فطن السنهوري أخيرًا بأن الأمر لم يكن مظاهرة يخاطب فيها المتظاهرين -كما ادعى الضابط-، بل هو اعتداء مبيّت عليه. سقط السنهوري باشا، الفقيه الدستوري الأنبغ في تاريخ مصر الحديث، على أرضية حديقة المجلس، وتلقى ضربا مبرحا كاد أن يموت على إثره ... (سيدهم بشار البراميلي عدل الدستور في دقائق ليسمح له بموقع الرئاسة ، معاوية نفسه خجل من وقوعها في عاصمته).

في يوم 27 جانفي يحضر الثعالبي وحزبه ويحضر بورقيبة المحامي وحزبه وجلولي فارس وخير الدين باشا وعلي باش حانبه ومحمد علي الحامي وفرحات حشاد ..يتقدم الحضور الرؤساء الذين وقعوا الدستور منصف المرزوقي علي العريض مصطفى بن جعفر ومعهم رئيس البرلمان ..أعضاء المجلس التأسيسي لا يتخلف منهم أحد، وكل من يؤمن بتونس حديثة ديمقراطية راسخة في هويتها مساهمة في الجهد الانساني لبناء مجتمعات حرة عادلة ومتضامنة .

للسيد الطبوبي وحزبه لا يوجد مكان البين بين ، ان لم تكن مع الشعب ومطلبه في استرجاع دستوره والحفاظ على مؤسساته ستكون مع قيس ، هناك بعيدا عن تونس قريبا من قرطاج ومن القاهرة لا دستور ولا قوانين ولا عقل ولا دولة ودليلك ملك سي نورالدين…

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات