ذات يوم..

كان الجميع في بهتة.. وكان الانقلاب في سكرة.. وكنا أقل من عدد أصابع الأيدي نتبادل الهموم وبعض الأخبار ونتقاسم بعض المقترحات وبدايات الأفكار.. كانت تشبه "الثنائيات المتقاطعة": اتصالات يومية تجمعني بصديقي الأمين البوعزيزي وأخرى مع صاحبي الحبيب بوعجيلة الذي كان على تواصل مع الصديق جوهر بن مبارك والأمين ومع الخال عمار الجماعي..

زارني صديقي الأمين في العاصمة وكانت سهرتنا طويلة حتى الفجر، انتهت إلى أمرين: الأول، ضرورة المشاركة في وقفة "أمل وعمل" نصرة لصديقنا ياسين العياري الموقوف حينها أما الثاني فقد كان ضرورة الجلوس مع الصديق جوهر…

في أثناء وقفة المساندة لياسين قدم جوهر وكنت مع الأمين نتحدّث مع بعض الأصدقاء من وسائل إعلام أجنبية.. توجهنا إلى المقهى صحبة مجموعة من الأصدقاء.. كلهم يقترحون ضرورة "القيام بشيء ما" يكسر حاجز الصمت القاتل…

جلسنا ليلا مع جوهر وتداولنا الحديث ثم اتصلنا بالحبيب بوعجيلة الذي لم يكن في العاصمة.. اتصل بدوره بصديق المجموعة زهير إسماعيل.. وبدأنا دون الكثير من التفسير أو الغرق في التفاصيل... في الدعوة الأولى للتحرك كنا 6 أشخاص شاركنا النص ونحن نخشى أن يكون الاحباط قد أخذ من رافضي الانقلاب مأخذا ولكننا كنّا على خطأ.. أمّا الضريبة/الثمن فقد كانت أمرا مثيرا للسخرية بالنسبة لنا فنحن نفتح ابواب السجن لا خزائن السلطة.. وتطورت الأمور بسرعة والتحقت وجوه فاعلة ووازنة..

في منتصف معركة "كسر سردية احتكار الشارع" دعونا الجميع بدون استثناء ليشاركونا التضحية وقلنا لهم تفضّلوا "هذه الساحة اليوم خراب بفعل الانقلاب" ولولا أن المجالس أمانات لحدّثتكم عن "الحسابات البائسة" و"الخوف المرضي" وغيرها من أمراض النخبة التي كانت تلعلع زمن الحرية وعادت كالنعام تغرس رؤوسها في التراب.. طبعا هناك استثناءات دائما..

شخصيا، دفعت جزء من الضريبة على المستوى المهني بسبب التواجد ضمن هذه المجموعة.. وعندي استعداد لأدفع أكثر.. ولكن..

كل أولائك الذين يزمجرون ويصرخون من وراء شاشات هواتفهم أو في بعض الإذاعات ووسائل الإعلام ولا تجد لهم أثرا في النضال المتواصل ضد الانقلاب.. هم أدعياء يراود بعضهم الانقلاب ويفاوضه آخرون من أجل الفتات بعد ابتزازه بتحركات الشارع التي لم يبذلوا فيها حبة عرق واحدة…

كل أولائك الذين يعدون لركوب الموجة سيكتشفون أنهم غارقون في الوحل.. لأن المعركة في مكان آخر وبعنوان آخر..

أما ذلك الدعي الذي "رفض رئاسة غير موجودة" فقد "فتحوا له المباشر" في يوم "الاربعاء" وبقي هناك متكئا "على نبل في سلام" …

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات