في الذكرى الثلاثين لضحيّة التعذيب الأشهر في العالم ، لا لسرقة قضية الشّهيد فيصل بركات

بيان إلى الرأي العام الوطني و الدّولي المعنيّيْن و إلى من يهمّهم الشّأن ،

ليكنْ في علم أهالي الشهيد فيصل بركات و كلّ من عاش مأساته أو تابعها بأيّ عنوان كان من المنظّمات التونسية والدّولية غير الحكومية ذات العلاقة و المؤسسات الأمميّة المعتمدة في تونس ، أنّ المسمّاة غابرييلا رايتر Gabliele REITER ، نمساوية ، مديرة مكتب المنظّمة العالمية ضدّ التعذيب OMCT بتونس ، قامت باستغلال اسم المنظّمة و سمعتها لمحاولة وضع يدها على شكايتِي باسم الشهيد لدى المفوّضية السّامية لحقوق الإنسان في جنيف بمراسلة مؤرّخة في 3 ماي 2019 وجّهَتْها إلى اللجنة الأممية ضدّ التعذيب عبر السّيد إبراهيم سلامة ، مصري ، مسؤول هيآت إنفاذ المعاهدات في المفوّضية . و قد كنتُ وجدت الرسالة منشورة على موقع مكتب المنظمة في تونس فحاولْت الإستفسار من المفوضية عن طريق المسؤولين الذين أعرفهم منذ سنين طويلة و أولهم إبراهيم سلامة المذكور الذي كان يمضي الرسائل المرفَقة بردود اَلحكومة على مراسلاتي لها عبر اللجنة ألأممية ضدّ التعذيب منذ 27 سنة .

لم أستغرب ما كنت أراه من غابريلي هذه و التي عرفتها قبل الثّورة كموظّفة في مقرّ المنظّمة العالمية ضدّ التعذيب بجنيف . استبشرْت بتسميتها في مكتب تونس عند افتتاحه في 2011 و اشتغلْت معها و مع معاونيها التوانسة و خاصّة المحامي حليم المدّب ، كما كنت أدعوهم لكلّ نشاط أنظّمه بين الرّئاسة و المجتمع المدني في مجال حقوق الإنسان عموما و مكافحة التعذيب على وجه الخصوص عندما كنت مستشارا أول مكلّفا بحقوق الإنسان في رئاسة الجمهورية .

و لكنها كانت متراخية في مواجهة المشاكل التي طرحتها قضايانا لدى الأمم المتحدة . طالبتها طويلا بأن تسعى معي في إقناع السلط التونسية باستجلاب حكم اللجنة الأممية ضدّ التعذيب لصالح الشّهيد فيصل بركات إلى المنظومة القضائية الوطنية كحكم ناجز و يجب تطبيقه و لكنّها لا فقط كانت تتجاهل الأمر كلّيّا بل إنها كانت تسعى للعكس تماما مع النيابة في الوطن القبلي و في وزارة العدل في تناغم كامل مع مساعي زهير مخلوف لجرّ أصحاب الحق الشخصي إلى اللّهْث وراء الآلة القضائية الدّاخلية بشقّيْها العادي و الإنتقالي و هو ما أدّى إلى ضياع عشر سنوات أخرى بعد العشرين التي استهلكها منّي النظام البائد.

بعد استخراج رفات الشهيد فيصل في 1 مارس 2013 كنت طلبت من اللجنة الأممية التريث مع القاضي الجديد علي عبّاس لعلّ الأمر يُحسم بسرعة ، إلاّ أن القاضي المعني لم يقمْ بإيقاف أي من القتلة المعروفين لديه و لا هو أبدى ما يفيد سعْيه لوضع حدّ لآلية ربح الوقت التي أدارها نظام بن علي حتى سقوطه . حاولْتُ عندها منذ 2017 إعادة ربط الصلة باللجنة الأممية ضدّ التعذيب و لكنّ الأمر صار عسيرا بشكل غير مسبوق ، خاصّة بعد أن نجحت الدّولة العميقة في تعيين عبد الوهّاب الهاني كعضو في اللجنة الأممية ضدّ التعذيب بداية من 2015 و لكن تمكّنّا من التخلّص منه في 2019 بإسقاطه في انتخابات التجديد .

ادّعت السيدة رايتر في رسالتها أنها ستزوّد اللجنة بآخر مستجدّات قضية الشهيد وهي في الواقع تنقل بدون أدنى حذر أو روحٍ نقدية قرار الإتهام الذي ألّفه على عجل القاضي السابق رضوان الوارثي المُرَسْكَلِ حديثا في الحقيقة و الكرامة و الذي أقحم في القضية نظرية اتهام طبيب التشريح الدّكتور الصّادق ساسي . و هو سيناريو وضعه أعوان بن علي منذ فجر المأساة ، ينصّ على اتهام طبيب التشريح كحلّ وحيد لفكّ ضغط الشهيد على رقاب القتلة و آمريهم . و في خلال بضعة أشهر بين 2015 و 2017 مرّ الطبيب المذكور من المرتبة 34 على قائمة المتّهمين إلى المرتبة السابعة ثمّ المرتبة الأولى مكان… بن علي شخصيّا في ماي 2017 .

ما يجب الوقوف عنده في هذا الخصوص هو أنّني كنت أُعلم السيدة رايتر بكلّ مستجدّات القضية أولا بأول و لذلك استغربْتُ بادئ الأمر من قلّة حماسها، بل و تقاعسها عن معاضدتي في كشف الحقيقة. و لكني سرعان ما ذكرْت علاقتها بزهير مخلوف حيث تطابق الموقفان في نقطة الإحجام عن المطالبة بإدخال القرار الأممي لصالح فيصل إلى العدالة التونسية أي إضاعة حقّ الشهيد المضمون بقرار ناجز لصالح مواصلة الرّكض العبثي وراء آلة قضائية رسمية لا رجاء منها أبدا . لذلك و منذ الصفحة الأولى لنصّ السيدة رايتر نجد اسم د. صادق ساسي ضمن قائمة المشاركين في تهمتيْ التعذيب و القتل العمد …

عند ذلك فهمْت مقصد النص قبل أن أقرأ صفحاته الموالية :

1- تلويث القضية بنظرية إخلال طبّي لم توجدْ إلا بعد 2011 بفعل زهير مخلوف و قد نجحْت إلى حدّ ذلك الحين في تحصين اللجنة الأممية من مثل ذاك الأنتوكس.

2- جعل المنطق القضائي صُلبها أعوج إلى حدّ السّخافة المطلقة التي يستحيل معها على أي قاض ان يفصل فيها ليتواصل تقاذفها بين الأطر القضائية حتى تموت بالتقادم أو يجْهز عليها "قانون مصالحة" يقضي على آمال الضحايا نهائيا .

على أنني لا أنوي الإستسلام لأيّ أمر واقع و قد بدأت منذ مدّة مساعي لاسترداد قضيتي على قاعدة أنّني قدّمتها باسم الشّهيد شخصيا و ليس باسمي الخاص و لا باسم أحد من عائلة بركات و قد كان ذلك مدروسا و لسببين :

الأوّل : أنّ القضية إذا اعتُمدت باسم شخص تحت يد السلطة فسيكون من السهل إخضاعه للتهديد بما لا يقدر على ردّه من قبيل تنظيم اعتداء أفراد من العائلة على بعضهم و قد تحطّمت نفوس وعائلات بمثل هذا الفعال . فإذا جاء أحدهم يطلب سحب القضية واجهْتُه بأن لا أهلية له . هذا وقد تحقّق الأمر منذ تقديم القضية إذ بعثتْ السلطة إلى اللجنة تصريحا لوالد فيصل ممضى في البلدية و مع ترجمته يقول فيه إنه لا يعرفني و لم يكلّفني بشيء أبدا و قد كان المفعول عكسيّا حيث تجاهلت اللجنة هذه الوثيقة التي وطّنَتْ عزم جميع أعضائها على المطالبة بالحقيقة و بسرعة .

الثّاني : أنّ القضية إذا سَلكتْ و ازدهرتْ ستكتسب قيمة مادّيّة تبادلية قد تغري بالمتاجرة بها وأنا أعلم انّ النظام بذل مالا كثيرا لشراء الذّمم و نجح في بعض الحالات الموثقة بالأرشيف الرئاسي و التي سوف نخرج البعض منها قريبا في سياق ثلاثينية الإستشهاد . هذا ما سأواجه به في دفاعي عن القضية ضمن شكاية لدى المفوَّضة الأممية السامية لحقوق الإنسان لاستعادة الشكوى من المغتصِبة الآثمة و إزالة كل ما قد تكون أدخلتْه على القضية من طفيليات .

و أختم هنا بنداء إلى آل بركات اللذين أشدّ على أياديهم حتى ينكروا على المتطفّلة أيّ حقّ في التصرّف في قضيتهم و هي التي مازالت إلى اليوم تردّد خرافة أن القتلة ألقوا جثة الشهيد في الطريق العام لادّعاء حادث مرور كما هو منشور إلى الآن على فايسبوك omct-Tunis .

النصّ الكامل لمكتوب السيدة رايترعلى هذا الرّابط :

https://omct-tunisie.org/wp-content/uploads/2020/06/Observations-de-l%E2%80%99OMCT-dans-l%E2%80%99affaire-de-Faycal-Baraket-c.-Tunisie-_CAT-VF.


*الشاكي للشهيد فيصل بركات لدى لجنة مناهضة التعذيب منذ 29 مارس 1994

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات