ارتفاع خطير لمؤشر الجريمة في تونس

Photo

بقدر اختلاف نوعية تلك الجرائم بقدر ما كانت النتيجة واحدة هي الموت. من ناحيتي أرى الأخطر هو التراخي في تحليل هذا الرقم و البحث عن ارتفاعه، تطبيع غير مبرر مع الجريمة من جميع الأطراف المعنية بتوفير أمن و السلم الأهلي.

الدوافع عديدة أدت إلى انتشار هذا الورم الذي ينخر المجتمع و الذي يهدد مستقبل البلاد والعباد. إن كانت الجريمة الارهابية يحمل مرتكبها ارث عقائدي و نوازع دينية متطرفة، فإن الجريمة العادية مرتكبيها بدورهم غارقين في مجموعة متغيرات أدت بهم إلى طرق باب الإجرام.

يعيش كثيرون حالة تيه و فراغ روحي و فكري جعلتهم يكفرون بقيود الدولة و جعلت حياتهم قريبة جدا من النشأة الأولى للبشرية أين تكون غريزة البقاء هو القانون السائد آنذاك. الانتشار الكثيف للحبوب المخدرة بجميع أنواعها ، أغرقت الكثيرن في حالة لا وعي، نزعت عنهم انسانيتهم و حولتهم لوحوش أدمية فاقدة لجميع مكارم الأخلاق و ضاربة بفلسفة التسامح و السلم ضرب الحائط. إرادة الردع و العقاب للأسف ساهمت بتفشي هذه الظاهرة بسبب غياب رغبة قوية للاصلاح تضاهي قوة التدمير والتخريب.

إلى متى سيتواصل هذا العك السياسي و الفكري، و متى سينتهي الدوران حول نفس الحلقة المفرغة منذ ثماني سنوات. أعتقد أن معركتنا الاولى هي معركة اجتماعية بالأساس قبل أي معركة ثانية، فمن يريد أن يوجه قضيتنا الأساسية إلى إيديولوجية و فكرية، فعليه أن يعلم أن تونس منذ الاستقلال تسير على نفس الفكر السياسي و الثقافي لكن للأسف ظلت تونس متأخرة خاصة ثقافيا على بقية الأمم و منها العربية أيضا.

كلنا نعلم مستوى السينما التونسية التى لم تقدر على التحرر من ثنائية الجنس و الدين كأن مشاكل تونس الحقيقية هي ايروتيكيا و لاهوتية. النخب المتصدرة للمشهد المقدم تلفزيونيا أثبتت إفلاسها الفكري و الأخلاقي سويا، لم تكن في مستوى الحدث خاصة بعد تحررها من سجن كبت الحريات.

تونس تحتاج لجيل جديد من النخب العصرية المتصالحة مع عقيدتها و كافرة بسجن الايديولوجيا تحمل جينيات المثقف العضوي الذي يمثل ضمير الأمة و الشعب و الطارح للمشاكل الحقيقية التى تمس المواطن في أمنه و عمله و مستقبل ابنائه بعيدا على المهادنة مع السلطة الحاكمة و سعيها المتواصل نحو ايجاد بقعة ضوء و فسحة مريحة للسيطرة على الوضع في غياب أصوات قادرة على مواجهة الأخطاء الشائعة دائما من طرف الحكومات و أهل الساسة.

الأمل دائما قائم لو أن السياسات التعليمية البالية منذ عقود من الزمن مواصلة في انتاج أجيال بشرية غير قادرة على التشخيص السليم للأمور و ظلت غارقة في وهم الأفكار القديمة و سجينة لغرائزها التى دائما ما تقود الفرد نحو التوهان و الضياع.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات