قيس سعيد اختار أن يتوجّه إلى "الشعب يريد".....

Photo

من وضع الأسئلة تعمّد أن لا يكون هناك رابط بين الأسئلة... فتبقى الفكرة مُعلّقة وغير مُكتملة.... دقيقتان لا تُخولان للمُتكلّم التعبير عن فكرته بوضوح... خاصة حين يكون المُتلّقي مُتعدّد ومُتنوّع وغير مُتجانس... من جهة المستوى التعليمي والشرائح العمرية والفئات الاجتماعية.

أسئلة تقليدية وخارج السياقات التي تدور بداخلها الإنتخابات .... وركاكة في طرح الأسئلة وأغلب المُقاطعات لم تكن في محلها.... والتركيز الشديد على النهضة أخرج المناظرة من الحياد والموضوعية…

أغلبنا خرج بانطباع أنّ القروي خارج السباق تماما وأنه لا يصلح لممارسة السياسة، وقيس سعيد لم يُقدّم أجوبة دقيقة تكفي لتقليص ضبابية الرؤية.... وكان مُرتبكا نوعا ما. ولم يكن في مستوى اتظاراتنا.... والإعلاميين تاعبين برشة....

الخلاصة: نحن مُقبلون على إنتقال سريع من وضعية "الرئيس المُتخيّل" إلى وضعية "الرئيس الواقع".... نحن نعيش صدمة "التعرّف على الرئيس"...

لمّا كنّا صغار في المدرسة الإبتدائية لمّا يجي بورقيبة لصفاقس يخرجونا صفوف صفوف لنرى الرئيس ونعيّط يحيا بورقيبة... كانت رؤوسنا الصغيرة تغلي بالصور وننتظر أحيانا ساعات تحت الشمس في انتظار اطلالة السيارة السوداء التي تُقلّ "بورقيبة" في طريقه من الولاية في باب بحر إلى دار الوالي طريق سكرة ...فيطلع علينا برأسه من السيارة المكشوفة يلوّح بيديه…

كانت خيبتنا كبيرة لما نكتشف أن بورقيبة رجل كما الرجال الكلّ. كنّا صغار وكل واحد كانت لديه صورة "مُتخيلة" حول "بورقيبة" فنحاول البحث على حاجة نقرّب بها بين الصورة المُتخيّلة والصورة التي رأيناها بشكل مُباشر…

"كان أبيض برشة"... "وجهه ضاوي"... "يديه ما أحلاهم"... "ابتسامته حلوة".... نروّح للدار بخيبة خلّفتها صدمة رؤية الرئيس بشكل مباشر…

"الرئيس" نحن من نرسم له صورة انطلاقا من تصوراتنا وتمثلاتنا وانتظاراتنا... نحن من نُعرّفه ونُعطيه هويّة محدّدة.... من خلال الثقافة السائدة لمعنى "الرئيس".

60 سنة وصورة الرئيس مُشوّشة... ما نعرفوش شكون رئيسنا. كيفاش يفكّر كيفاش يحكي ما هو مستواه... هل يتكلّم عربية أم دارجة. بورقيبة يجينا في توجيهات يحكي فيها خرافة أمي سيسي كيفاش أمه ولدته وكيفاش عرّس بماتيلدا وكيفاش عشق وسيلة وكيفاش جاب ولده الحبيب..... بن علي في إطلالاته القليلة في مناسبات محدّدة يجيب ورقة ويقرا علينا خطاب أو كلمة كتبوها له مُختصين وخبراء. والشعب دائما في مكتوب الفيستا.

كنّا نسمع حكايات على الرئيس وعلى عائلته وعلى حياته.... وعلى أولاده. لكن لا نرى شيئا بشكل مباشر.... زعمة يشرب قهوة؟ ويأكل كسكروت كفتاجي؟ يشرب في كأس وإلاّ في دبوسة؟
انتهى عهد الرئيس "الأسطورة"... انتهى عهد الرئيس "الصنم"....

ندخل عهد الرئيس الذي تُشكّل ملامحه إرادة الشعب.... الرئيس الذي يقف أمام الشعب ليحكم له أو عليه. الرئيس أصبح يبحث على مواصفاة الشعب وليس العكس....

الشعب التونسي صنفان: صنف "الشعب يُريد" وصنف "الشعب مسلوب الإرادة".... قيس سعيد اختار أن يتوجّه إلى "الشعب يريد"..... نبيل القروي اختار أن يتوجه إلى "الشعب مسلوب الإرادة"....

"الشعب يريد" و"الشعب مسلوب الإرادة" كلاهما أنموذج مُتخيّل..... ولا ندري واقعا ماذا يريد "الشعب يريد" وهل حقيقة هو يعلم ما يريد ...وماذا ينتظر "الشعب مسلوب الإرادة" وهل حقيقة هو مسلوب الإرادة؟

wait and see

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات