نهائي بين استاذ القانون و خارق للقانون

Photo

و اخيرا بعد تشويق و لحظات انتظار هيتشكوكية رهيبة اعلنت هيئة الانتخابات التونسية عن نتائجها و صعد كل من استاذ القانون قيس سعيد و خارق القانون نبيل القروي ،زلزال مدوّ اطاح بمنظومة ادارة الشأن العام بمن يحكم و من يعارض فهل كان ذلك مفاجئا ؟

لا يبدو كذلك لأسباب موضوعية عدّة،فالنّتيجية الطّبيعية لأيّة عمليّة كيميائية هي محصّلة تفاعل العناصر الأولية فيها ،و تجربة تكرّر فشلها لا يمكن أن تنتج نجاحا. يبدو أن صعوبة الوضع الذي يعيشه الفرد قد أوصله الى لحظة حرجة صار ينتظر فيها حلول المعجزة، و يأسه ممّا يعرض له من حلول فد جعله يتّجه نحو أخرى بديلة.

و ما نشهده من تراجع للأحزاب التقليدية سواء في الحكم أو في ألمعارضة ليس بدعة تونسية بل هو مزاج كوني عام و ظاهرة عالمية مرتبطة بالعولمة و ما بعد الحداثة و بروز اتجاه نحو التخلّص و التخفّف من الالتزام و الانضباط الحزبي التقليدي و انتماء الفرد لمجموعة وفق ضوابط محدّدة و هي نتيجة مباشرة للثورة المعلوماتية التي نعيشها.

يقول الأستاذ عبد الرزاق حاج مسعود:" تراجع الاحزاب التقليدية و ضعفها ظاهرة عالمية مرتبطة بنسق انتظام اجتماعي ينحو نحو المرونة و التخفّف من الالتزام و الانضباط العقائدي ،هذه المرونة جزء من سيولة أفكار محمولة على وسائط الكترونيةعالية السرعة و سريعة التحوّل و التحلّل ،تُولد و تُستهلك و تُنسى".

ليس مستغربا إذا ما أفرزته الانتخابات من فرز و قد يشكّك في مصداقيتها ان لم تكن كذلك برغم محاولات البعض للاستدراك و اللعب في الوقت الضائع من أجل منح فرصة للمنظومة القديمة و رفع الحرج عنها اذ قد تجد نفسها مضطرّة لمساندة خارج عن القانون مع أنّها تدّعي أنّها تمثّله و هي من تحميه .

تعتبر الديمقراطية ربما افضل انجاز و اجتهاد بشري لادارة الشأن العام و للمصادفة أن يقع تطبيقها كما لم تطبّق في اعتى البلدان الديمقراطية و أعرقها و نجاح التجربة يعتبر استثناء مضيئا في عتمة الاستبداد العربي و هو ما سيجلب لها مزيدا من السهام و الاستهداف.

هزمت المنظومة القديمة جزئيا و هي لم و لن ترفع الرّاية البيضاء ،فالقروي مازال يمثّلها و هو تجلّ لافرازاتها النّتنة و الضّارة و سيجدون له كلّ الأعذار و التبرير لمساندته بمنطق انقاذ وطنهم من المجهول و بفقه اكراهات الواقع. و بمقابل اختلاق الاعذار لهذا سيصطنعون الأسباب المانعة لمرور ذاك، ستوجّه كلّ ماكينتهم الصّدئة لمواجهة قيس سعيد، و قد ابتدؤوا فعلا في الهرسلة و التخويف و التشكيك و التخوين.

قد تكون لنا بعض المؤاخذات على طرح الاستاذ من قبيل واقعية ما يطرحه و السند السياسي الذي سيعتمد عليه لمواجهة الضباع و الذئاب و قطّاع الطّرق و العصا الّتي تعدّ لوضعها في العجلة،لكنّ المؤكّد انّنا لا يمكن الّا ان نكون في صفّه و هو استاذ القانون في مواجهة الخارجين عن القانون.

و الارادة الّتي جعلته يفوز في الجولة الأولى هي من ستتوّجه منتصرا في معركة الحسم، معركة الوعي،معركة استرداد المواطنين لوطنهم المختطف.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات