صرخة... قبل أن يعمّ الخراب

صفعة رابعة كانت ستكفي لأن يصحو السّكران من سكرته ليستفيق و يصطدم بالواقع الّذي حاول عبثا أن يفرّ منه لتواجهه فواتير الماء و الكهرباء و اجرة كراء المنزل و مصاريف أثقلت كاهله و زوجة تلعن حظّها العاثر و عويل صغار ينتظرون حليبا مفقودا. صفعة رابعة تعيد إلى المصاب بنوبة هستيرية وعيه.

لكن ألف صفعة و صفعة لن يكون لها أيّ أثر لمن فقد الإحساس بالكامل. صرخة رفض واحدة بإمكانها أن تجعل من به ذرّة خجل يرحل بلا رجعة. لكن ألف صرخة و صرخة ستكون بلا جدوى لدى من لا يسمع إلّا طنين رأسه و هلوساته.

رجّة واحدة كانت تكفي لأن يتحسّس الإنسان السّوي موطئ قدميه و يراجع مواقفه لكنّ زلزالا بقوّة عشر درجات من ميزان ريشتر لن تحرّك لفاقد الشّعور شعرة،ليس ثباتا بل لفقدانه للإحساس و عجزه على تقدير المخاطر و هو ما نشاهده لدى المصابين بالانفصام الهذياني و البارانويا الميڨالومانية.

واهم من يعتقد أنّ تحطيمنا للمرّة الثّانية على التّوالي لأضعف نسبة مشاركة في انتخابات عامّة في العالم ستجعل من نظّمها يقف وقفة تأمّل ،يراجع مواقفه أو يتراجع و هو كمن ينتظر عسلا من مؤخّرة الضبّ!
كيف يتراجع من يحمل الفكر الرّسولي و يعتقد أنّه يملك الحقيقة المطلقة و لا ينطق عن الهوى و صاحب رسالة لإنقاذ البشرية جمعاء!

حتّى و إن اعترض أو عارض الجميع فالمشكلة تكمن فيهم ،هؤلاء الرّعاع و الزنادقة و المنافقون و الكفرة و الجهلة ،و عليهم أن يراجعوا ايمانهم و يعالجوا ما أصاب مداركهم العقلية من خلل و يرتفعوا بأنفسهم إلى مستوى علوّه الشاهق الّذي لم يبلغه من قبله إنسي أو جان. كيف للجمهور أن يهجر مسرحيته السّخيفة السّمجةو قد أنفق عليها ما أنفق؟

70 مليارا، و 120 مليون رسالة قصيرة و يوم عطلة و تسخير السيارات الإدارية لنقل المقترعين و بعضهم أوتي به من دور العجّز،و وسائل اعلام عمومية و خاصة جنّدت نفسها للخدمة طيلة أيّام و في النّهاية تكون النّتيجة بعد التزويق و التجميل و التضخيم رقما قياسيا جديدا في أضعف نسبة مشاركة في انتخابات جرت على ظهر البسيطة . مال عام يهدر لأجل نزوة طائشة لمهوّس بالسّلطة قادم من زمن آخر و عالم آخر.

بلد خزينته فارغة تحتاج ل4مليارات دولار لملئها،يسجلّ نسبة تضخّم هي الأعلى منذ عقود(10,1%)،خمس سكّانه تحت خطّ الفقر و غالبيته صار ينتظم في طوابير البحث عن سلع أساسية مفقودة، و نسبة البطالة فيه تجاوزت 37,8%،بلد طارد لكوادره ولافظ لشبابه و صارت فيه الرّغبة في الموت أقوى من تلك في الحياة!

في بلد مخرّب مثل هذا تجد من لا يرى حرجا في الإمعان في تخريبه و الإجهاز عليه بالكامل استجابة لهلوسات مرضية.

أكيد أنّ النّسب و الأرقام و الرّياضيات و المنطق و علوم الاقتصاد و الاجتماع هي هرطقة خارج السّياق و سيدرك ذلك من مازال يصرّ على استعمال عقله ليسلّم في النّهاية أن لا عقل سوى عقله!
لن تنفع الصّفعة و لا الصّرخة و لا الرجّة و لا حتّى الزلزال في إيقاف العبث الّذي فاق الحدّ و ثني الرّجل عن مواصلة مشروعه التدميري،الوضعية استثنائية و حرجة للغاية و تتطلّب حلولا استثنائية لإنقاذ ما يمكن انقاذه قبل أن يعمّ الخراب.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات