كتاب حسين الباردي : محفلط..مزفلط..كثير الكلام.. عديم الممارسة عدو الزحام …

انا بصدد قراءة كتاب حسين الباردي "دفاعا عن الشعبوية قيس سعيد والاسلام السياسي ومستقبل اليسار".. انفقت في اقتناء الكتاب ثلاثون دينارا ...على امل ان اقرا نصا عميقا وموضوعيا...لكن الاسف وجدت الكتاب مغرق في الفوضوية والاسقاطات النظرية ...ويكشف عن نخبة بائسة ...تحركها ايديولوجيا الستينات...والتموقع السياسي الانتهازي …

المرض العضال الذي ضرب جزء هام من "المثقفين" هي اسلوب اسقاط المفاهيم المجردة على الواقع، المفاهيم التي "تعجب" وتغوي" صاحبها دون تأصيل تجريبي ...او جدلية حقيقية بين النظرية والواقع …

الكاتب يؤصل لفكرة "الانقلاب الدلالي"والتي بنى عليها دفاعه عن الشعبوية "الثورية الاجتماعية" لقيس سعيد كما اسماها ، وهو يذكرني بنظرية "الانقلاب" عند ميشيل عفلق مؤسس البعث العربي والتي نعرف مآلاتها الحزينة والدامية والرهيبة..

اسقاط المفاهيم عند الكاتب لا يختلف عن منهج السلفية الدينية التي اسقطت مبادئ الشريعة الاسلامية التي صيغت في القرن الثاني للهجرة على واقع اليوم…

بمنهجية تبريرية يطابق الكاتب بين معاناة الديموقراطية الحديثة من الازدراء في بداياتها في القرن 19 في امريكا وفرنسا وازدراء الشعبوية اليوم متناسيا ان الشعبوية هي التي كادت ان تجهز على المشروع الديموقراطي في اوروبا الليبرالية …

لا يخفي الكاتب خلفيته اليسارية ...لكنها يسارية تجاوزها الفكر اليساري المعاصر وخاصة المدرسة النقدية التي استفادت من المناهج الحديثة وطورت الفكر الماركسي وخلصته من الجمود الذي حول عديد التيارات اليسارية الى اصناف جديدة من الاصولية الفكرية …

من سقطات واسقاطات الكاتب انه ينظر الى تجربة ما قبل 25 جويلية على انها حكم اوليغارشي هكذا !!! ..وهو فهم خاطئ للاوليغارشية التي تعني حكم نخبة او طغمة او اقلية ..وتنكر لحقيقة تلك التجربة حيث تشكلت منظومة السلطة (وليس الحكم- ويبدو انه لا يميز بين السلطة والحكم) تقريبا من كل الالوان ...حيث كان للنقابات والمجتمع المدني والاعلام دور حاسم في ضبط الاختيارات وتحجيم تأثير الحكومات....

وهذه حقائق لا يدركها كل من ظل سجينا للمسلمات النظرية او الايدولوجية و "ما حطش ايدو في العجينة" كما يقول المثل التونسي…

ناظر الرجل بين حنبعل و قيس سعيد..كما فعل قبله ..مؤرخ بن علي في كتاب حنبعل والطريق الى الديموقراطية ..(.بدون تعليق).. مثل هذا الكاتب ينطبق عليه شعر احمد فؤاد نجم:


يعيش المثقف على مقهى ريش
يعيش يعيش يعيش
محفلط..مزفلط..كثير الكلام..
عديم الممارسة عدو الزحام …
بكام كلمة فاضية…
وكام اصطلاح…
يفبرك حلول المشاكل اوام..."
كتاب ..بشع…

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات