ما فعلته الدولة هو حلول ترقيعية تأتي دائما بطريقة تجاوزتها الأحداث

جزء من الشعب يعتقد ان الكورونا إشاعة. جزء اخر من الشعب يعتقد ان الكورونا مؤامرة كونية من قوى ماسونية!!!! جزء آخر من الشعب لا يعتقد في نجاعة التلقيح ويروّج الى انه مضرّ بالصحة. جزء آخر من الشعب يريد أن يلقح، ولكنه لم يتمكن من ذلك، إما لأسباب لوجستيكية وتنظيمية او لاسباب شخصية ونفسية تتمثل في التراخي وقلة الوعي.

من بقى!؟ النزر القليل من الشعب الذي قام افراده فعليا بالتلقيح وتناولوا جرعتين.

السواد الاعظم اذن لم يلقحوا، للأسف الشديد، وهم ليسوا مستعدين كي يغيروا نمط حياتهم ... وغير مستعدين للدخول في حجر صحي شامل ولو لأمد قصير .... اغلبهم يغتاظ للحجر لان الدولة عاجزة عن توفير تغطية كافية للوازم الحياة أثناء فترة الحجر ... بل الدولة عاجزة عن تغيير نمط الخدمات الإدارية في المؤسسات العامة وفي المحاكم وفي وسائل النقل العمومي ... فتحولها الى خدمات عن بعد تقطع كليا مع الازدحام والتدافع... بل الدولة عاجزة عن ايقاف تنظيم مقابلات كرة قدم ... وعاجزة عن ايقاف كل الأنشطة الثقافية والتربوية وإغلاق الحدود الى اجل قصير يتم خلاله تطويق انتشار العدوى وإيقاف نزيف الاصابات القاتلة والمدمرة للاقتصاد ... ثم بعد ذلك تستعيد الدولة عافيتها…

ما فعلته الدولة هو حلول ترقيعية تأتي دائما بطريقة تجاوزتها الأحداث... فلا هي منعت العدوى من الاستفحال ولا هي حققت النمو الاقتصادي المنشود ... يقول كثير من أصحاب المقاهي مثلا انه خلال شهر رمضان لما تم فرض إغلاق المقاهي في الأحياء الشعبية في العاشرة ليلا تواصلت اغلبها تشتغل سرا الى مطلع الفجر ولكن في وضع اكثر كارثية، فصاحب المقهى يغلق الباب والنوافذ ويبقى الرواد بالداخل يستنشقون دخان الشيشة والسجائر، حتى لتتحول المقهى الى غيوم تحجب الرؤية ... فلكم ان تتخيلوا كم شخصا انتقلت له العدوى في تلك الظروف الكارثية …

في المحاكم رفضوا العمل عن بعد، مع انه اجراء ممكن ولا يحتاج رصد ملايين الدينارات ... لو اراد المجلس الأعلى للقضاء والهيئة الوطنية للمحامين ووزارة العدل ونقابة عملة وموظفي المحاكم، الانكباب على الأمر لاجتمعوا مع بعض ووضعوا نظاما سهلا لتأمين عمل المرفق القضائي عن بعد دون حاجة لملء قاعات الجلسات واروقة المحاكم بمئات المتقاضين متكدسين فوق بعضهم بعضا.

النتيجة الكارثية التي وصلنا اليها في القيروان ومنوبة وسليانة والقصرين ومن ورائها ولايات اخرى تنذر بالخطر، هو فقدان الارادة السياسية القوية لسلطة القرار كي يفرضوا اجراءات قد توجع الكثيرين الى حين، ولكنها كفيلة بالقضاء على الفيروس بعد مدة معقولة…. هذا هو الفرق بين السياسي القوي والسياسي الضعيف…

الاول يتخذ قراراته وينفذها، حتى لو سخر منه الناس وسخطوا فهو واثق من قصر نظرهم وحينما يرون النتائج الطيبة سيراجعون مواقفهم وسيشيدون بحكمته… بينما الثاني يعيش على وقع مواقف خصومه كل دقيقة يرتعد ان هاجوا عليه لأنه لا يملك الثقة في نفسه فيستكين لإجراءات غير ناجعة تؤبد المصيبة وتلحق ضررا اقتصاديا افضع واخطر …

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات