أما لهذا النّفق من نهاية؟

نقله إلى العربيّة سعيد الجندوبي

الانطباع السائد: هو أنه كلما ازداد الوضع قتامة... كلّمت ازدادت رطوبته، وعمّت في الأجواء روائح أكثر غثيانًا... كلما غرقنا في عمق الأزمة، وكلما ابتعدت نهاية النّفق، كلّما أصبح الصمت أكثر سمْكًا…

لن أتحدث عن التواطؤ الغريب بين الانقلاب وبين حلقاته التقليدية، وهي الاتحاد العام التونسي للشغل والدولة العميقة ووسائل الإعلام المهيمنة وكذلك مجموعة الانتهازيين المطبّلين لكلّ قائم على السلطة... ما فتئنا نتحدّث عن ذلك منذ 2011، ولكن يبدو أنّ ما قلناه ونقوله لا يزال يسقط في آذان صمّ، لأن أسوأ حالات الصمم هي الصمم الفكري، وصمم المواطن، وصمم نسبة جيدة من الشعب التونسي ممّن تعوّدوا على العبودية وممّن رضعوا من ثدي الديكتاتورية المترهّل…

إنّ مجاملة من قبلوا بالذلّة لهو تعزيز لما لحقهم من إعاقة مزمنة: إعاقة التملّص الطفولي واللاعقلاني من المسؤوليّة... وهو أيضا تعزيز لحاجتهم الغريبة إلى أن يحكمهم ديكتاتور، "أب متسلّط وحامل للصوت والكرباج"... وكأنهم يخشون على أنفسهم من بلوغ سن الرشد ومن تحمّل مسؤوليّاتهم المدنية…

لا... ليس هناك من تهاون أسوأ من التزام الصمت بشأن هؤلاء الجبناء الصغار، هذه التواطؤات التافهة ل"شعب غير مهيّئٍ" للديمقراطية والذي تثقل إرادته السيادية كلّ هذه الاعاقات، وأذكر هنا أكبرها: احتقار الذات.

عندما ترتفع أصوات الأحرار، سرعان ما يسعى إلى خنقها الضجيج الوقح للحشد الجاهل والمتعصب، كما لو أن أصوات الأحرار كانت في حدّ ذاتها إهانة لهم لافتقارهم للذكاء... كما لو أنها كانت مرآة عاكسة يرون من خلالها صورتهم البائسة لقطيع من الخرفان.

على من نُلقي اللوم ؟؟؟ على نخبة فاسدة تساوَى لديها السقوط الأخلاقي بالسقوط الفكري ؟؟؟ وهذا هو حال من تعوّد منهم على الصّمت بمجرّد انفجار العاصفة، واللجوء إلى مغارات (يسمّونها الربوة)، وإلى الاحتماء بمظلّة الجُبن…

قرأت بالأمس بعض المقولات المهتزّة والمتناقضة لإحدى البرجوازيّات التونسيّات المقيمات في فرنسا، مستفيدة من "حريات الغرب وتنويره"، ومفاد هذه المقولات أنّ "من واجب من يناضلون من أجل احترام الدستور ومن أجل الديمقراطية في تونس القبول والالتزام بأهواء وبمزاج ديكتاتور مبتدئ، سيحرّرهم من الإرهاب الإسلامي"…

ما يسعدني هو يقيني بأنّ "اريك زمّور" أو "مارين لوبان" لن يتأخّرا في إعلام هذه المرأة البورجوازيّة بقيمتها الفعلية... بأنّها لا تساوي شيئا... إنّها لا شيء، لا شيء...

في الأثناء، يمكنها مواصلة الانشغال بما تشهده الساحة الفرنسيّة من نقاشات ديمقراطيّة ساخنة... ويبدو أنّ ذلك يعجبها... أمّا تونس فإنّها لا تستحقّ الديمقراطية ونقاشاتها السّاخنة... تونس تليق بها الديكتاتوريّة!

لَكَم هي مسرورة وسعيدة بوضعها، كمهاجرة محظوظة!

رابط المقال على جريدة الزُّرّاع.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات