هو فشل جماعي

جميعنا مسؤولون على حالة الفوضى والشلل التي اصابت البلاد، كل الأحزاب السياسية ،اتحاد الشغل، الجمعيات، القوى الأمنية، القضاء، غياب العدالة الاجتماعية والجهوية، الاحتقار الاجتماعي، المدرسة، التفكك الاجتماعي، الانانيات الاجتماعية، القطاعية، انفصام الاواصر الاسرية، فشل الاسرة في تمرير القيم وتربية الأجيال الجديدة على مبادئ التحضر وقواعد العيش الجماعي، الاعلام المشفر الغبي الذي ساهم في تطوير موجات العنف والبذاءة والجهل وانعدام الذوق والكراهية وقلة الاحترام ،كل ما نراه من سقوط قيمي خطير الذي يتفنن في تقديمه مهرجو وقوادو المشهد الترفيهي الاحمق والبائس، وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت الية لا غنى عنها للقذف والتشويه والاستنقاص لإفساد الفكر والأخلاق والتمييز وتقسيم المجتمع، ورمي الزيت على النار دون محاسبة او عقاب بالتظليل ونشر الاشاعة.

هؤلاء الشباب ليس لهم أي مهارة او معرفة او خبرة او ثقافة ،تم اقصاؤهم من دائرة التدبير والبحث والتفكير بسبب مدرسة لم تعد مؤهلة لعب هذا الدور : متحجرة، تجاوزها الزمن مع ذلك خاوية، فقيرة، لا تضيف لهم شيئا. يتسكعون في طرق احيائهم القصديرية ومدنهم الفقيرة مثل شياطين صغيرة مسكينة تائهة، دون وجهة، دون تأطير، دون حلم او مثل يقتدون به، في محيط يعادي الذكاء والطموح والاحلام، يعادي رغبة شرعية في الرفاه والكرامة الممنوعون عنها.

في هذه الأماكن الكئيبة، الخالية من الحياة، والدولة والمؤسسات، يزدهر العنف، المخدرات، الدعارة ،الانحراف واللصوصية وقطع الطريق. كل هذه المنشطات الضرورية للحياة تساهم في توحش شبيبة وتزيد في احباطهم الذي تتجاهله نخب تائهة تماما في معالجة انانياتها.

منذ عشر سنوات، نكرر نفس الأشياء كما في كورال حزين، ونقول للجميع ان الصفعة لن تتأخر في المجي…صيحات سرعان ما يرجع صداها للباعث…الى البدايات :يجب تفكيك المنظومة المافيوزية لبن علي حجرا حجرا وبناء دولة جديدة .مازال الوقت يسمح بذلك لان التسونامي الاجتماعي القادم لن يتوقف على حافة الاحياء الثرية، سيفجر الفقاعة الاجتماعية التي يختبئ فيها هؤلاء الانانيين، كل هذا التجاهل، ببساطة كل أسباب ثورة 2011 ،لا تنسوا ان الثورة ليست حدثا دقيقا منضبطا ،هي حركة معقدة ،تراكمية صيرورة تاريخية بما يشبه بنية باطن الأرض وتطورها ،هي ديناميكية ، هي شيء يفرض نفسه في المدى التاريخي.

لا تنسوا ان أطفال 2011 كبيروا، ينحت في افق مسدود ،مغلق، شبيه بطريق اباءهم ،فهموا ان اباءهم ظللهم الاستبداد أولا، ثم الخطاب الشعبوي بعد ذلك. اليوم يطرقون ابوابكم ويقدمون لكم كشف حساب سبعين سنة من التهميش والكذب المفضوح .اليوم يطلبون حقوقهم، كل هذه الاحلام والسعادة التي سرقها منهم بورقيبة المريض بجنون العظمة ،وبن علي المجرم المافيوزي، ومع الأسف الثورة أيضا…انتهى الحديث.


* ترجم المقال عن الفرنسية ،الأخ العزيز، كمال الحوكي،كل الشكر.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات