قاعدة الوطية وانقلاب المعادلات الجيوسياسيّة....

Photo

تسارعت الأحداث بطريقة دراماتيكيّة منذ سيطرة حكومة الوفاق اللّيبيّة على قاعدة الوطية، التي تبعد 27 كلم عن الحدود التّونسيّة... أن يحصل ذلك بدعم أو بإسناد تركي، مباشر أو غير مباشر، فلن يُغيّر ذلك من المشهد شيئا…

السّيطرة على قاعدة الوطية ـ تأتي ضمن سلسلة من الإنتصارات و المكتسبات الميدانيّة التي حقّقتها حكومة السّراج المعترف بها دوليّا...فبعد تحرير كامل مُدن الغرب اللّيبي من قوات حفتر، في ظرف قياسيّ، جاء الدّور على قاعدة الوطية الإستراتيجيّة، و التي تُعتبر من أكبر القواعد اللّيبيّة... رغم سعي أبواق المشير المهزوم خليفة حفتر الدّعائيّة التّقليل من أهمّيتها…

ولعلّ التّغيير الدّراماتيكي الأكثر ضجّة والأشدّ تأثيرا، في السّاعات الأخيرة، جاء من مواقف وتصريحات قائد قوات الدّعم السّريع الجنرال السّوداني محمد حمدان حميدتي، المعروف بولائه وتبعيّته لدولة الإمارات العربيّة المتّحدة، المساند والمموّل الرّسمي لقوى الثّورات المضادة، والمُناهضة لتجارب ثورات الرّبيع العربي، والسّاعية بكلّ الوسائل والأذرع العسكريّة والسياسيّة والإعلاميّة، داخليّا وخارجيّا، لإجهاضها وتخريبها وإفشالها والانقلاب عليها....

دور محمد حمدان حميدتي مُعلن وجليّ ومكشوف للعيان، في دعمه للمشير خليفة حفتر، بتخطيط وتمويل إماراتيّ مُعلن أيضا وموثّق بالعقود المُمضاة، وبالصّوت والصّورة وبالاعترافات الصّريحة من المجنّدين السّودانيّين المأجورين، وبمعسكرات التّدريب وبقوافل آلاف المرتزقة الجنجويد…

محمد حمدان حميدتي، وحين لاحظ انقلاب الوضع بطريقة عاصفة ودراماتيّكيّة، وسعيا منه للتّخلّص من تبعيّته وولائه للإمارات، وللتّقرّب في ذات الوقت من دولة قطر، صرّح، في مرحلة أولى، بأن الإمارات والسّعوديّة لم تلتزما بدفع ما وعدتا به من مساعدة للسّودان، والمقدّرة بمبلغ ملياري دولار…

وصرّح في ذات الإطار، بأنّ لا خلاف له مع قطر، وأنّ العلاقة معها جيّدة.... وفي تصريح آخر، حاول فيه التّقرّب من حكومة الوفاق، و النّأي بنفسه مسافة فارقة عن صديقه المُقرّب خليفة حفتر، ذكر من جملة ما ذكر، أنّه قدّم مُقترح تسوية للأطراف اللّيبيّة، قبله فايز السّراج ورفضه حفتر.... ونفت ذلك حكومة الوفاق نفيا قطعيّا…

أمّا الدبلوماسية الأمريكيّة، فقد أعلنت صراحة تمسّكها ودعمها اللاّمشروط للحكومة الشّرعيّة، الشّريك الفاعل في الحرب على الإرهاب، والمعترف بها من قبل الأمم المتّحدة....

يتّضح، ممّا سبق، أنّ هذا الانقلاب في التّصريحات والمواقف، ما كان ليحصل، لولا سيطرة حكومة الوفاق الحاسمة على قاعدة الوطية، بما سبقها وما لحقها... سواء كان ذلك بدعم وبإسناد الحليف التّركي، أو بدونه، وتأثير ذلك على لعبة التّحالفات والمحاور... ولعلّنا نسترجع ما حصل قبل أشهر من مشاهد استقبال دونالد ترامب، بالأحضان، ولعديد المرّات، للمشير المنقلب خليفة حفتر…

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات