أزمة المهاجرين من مواطني جنوب الصحراء : عندما تقبل بالبقشيش الإيطالي مقابل حراسة حدود أوروبا

أزمة المهاجرين من مواطني جنوب الصحراء التي تعيشها تونس اليوم هي نتيجة مباشرة للممارسة التي تقوم بها السلطة الشعبوية لمسألة السيادة. عندما لا تقوى على مطالبة جارك بالحد من تسلل المهاجرين غير النظاميين إليك عبر الحدود المشتركة بسبب أفضاله عليك إلى درجة أن البلد أصبح جزءا من مجال نفوذه، وعندما تقبل بالبقشيش الإيطالي مقابل حراسة حدود أوروبا بكل ذلك الحماس،

وعندما تسيء التعامل مع القضية فتتحول إلى عنصري بغيض في نظر دول جنوب الصحراء فيمنعك ذلك حتى من بداية مفاوضات معها لاسترجاع مواطنيها، عندئذ فقد قبلت بتحول بلادك إلى مصيدة للهجرة غير النظامية، وتكون قد جعلت منها، كما أراد الأوروبيون بالذات، مجرد محتشد لهؤلاء المساكين، دون أي آفاق لحل الأزمة حتى باستعمال أجهزة القوة تجاههم. هذه هي سيادة الشعبويين، كثير من الجعجعة التي لا يصدقها أحد والتي لا ترتد في النهاية إلا عليك.

توتر السلطة تجاه قضية المهاجرين طبيعي بالنسبة لمن لا يملك لهذه المسألة أي رؤية، ولمن يفضل دائما الهلوسات على حسابات المنطق السليم.

لقد رضيت السلطة بتحويل البلاد إلى محتشد لهؤلاء المساكين في مقابل بقشيش إيطالي بخس. تونس أكدت للأوروبيين أنها يمكن أن تقوم بما يريدونه بأثمان منخفضة جدا، وأوصلت البلاد لنقطة جعلتها الحلقة الأضعف في المنطقة.

الأضعف هو الذي يدفع الثمن الأكبر، وليس الباقي سوى هلوسات قيلولة ما بعد العصر. ها قد انغلقت المصيدة اليوم عليك، ولا مخرج لك منها سوى بممارسة فعلية للسيادة، وليس مواصلة نفس الجعجعة اللفظية البائسة.

استعمال البوليس لن يحل المشكلة، وكذلك التحريض على المنظمات المدنية ولا على الحقوقيين ولا تهييج الشارع وإحياء الغرائز والنفخ في نار العنصرية. لا رؤية لك ولا فهم لك يعتد به لهذه المسألة، لذلك فإن سلوكك منتظر، وهو سلوك العاجزين. أنت سلطة لا تدري ما تفعل، وعوض البحث عن مخارج حقيقية، فإنك تقوم بنقل المشكلة من منطقة لأخرى، تماما كما يفعل الماسك بالجمر. هذا يؤبد المشكلة ويزيدها عمقا، وكلما تحركت في الاتجاه الخاطى كلما أطبق عليك شرَك المصيدة أكثر.

ممارسة السيادة تتم تجاه الدول التي تحكم عليك المصيدة، وليس تجاه مساكين تقطعت بهم السبل.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات