دورة إنتاج الفراغ

هل تحب السلطة الإشاعات وما تسميه "التأويلات المغرضة"؟ يمكن أن يكون الجواب نعم. إعلان قرار تقديم موعد الانتخابات الرئاسية فتح الباب على قراءات متباينة من ضمنها تلك التي قد تثير غضب كاتب التعليقات الشهيرة لوكالة الأنباء الجزائرية.

البيان الصادر عن الرئاسة لم يتضمن اي تبرير لتقديم تاريخ الانتخابات التي سماها "مسبقة"، وبذلك ترك الباب مفتوحا أمام كل التأويلات ومن ضمنها القول أن القرار يترك الباب مفتوحا أمام كل الاحتمالات.

إجراء الانتخابات بشكل منتظم وفي موعدها المحدد يعتبر ضمن مؤشرات الاستقرار السياسي من الناحية النظرية، وقد استعمل هذا المؤشر من قبل المسؤولين الجزائريين في أوقات سابقة للادعاء بأن البلاد مستقرة سياسيا، ومن هنا فإن قرار تقديم تاريخ الانتخابات كان يستحق التبرير من الجهة التي صدر عنها حتى لا يتحول إلى علامة للإضطراب السياسي،

وفي مقابل ذلك يمثل تجاهل التبرير إشارة إلى التعامل مع الجزائريين الذين سيتحولون إلى "ناخبين" وكأنهم غير معنيين بالتفاصيل وما يحيط بهذه الانتخابات التي سيدعون للتصويت فيها، وحتى أولئك الذين يمتهنون تبرير كل قرارات السلطة وإظهار الحكمة الكامنة فيها، سيجبرون على الصمت إلى أن تتضح الصورة لأنهم تركوا في الظلام يسيرون على غير هدى.

تساهم السلطة في توفير المادة لهواة التكهن السياسي ومن تصنفهم بأعداء الداخل والخارج الذين تتحول "قراءاتهم" بعد حين إلى مادة لخطاب يسوق للانتخابات بالتحذير من المؤامرة التي تحاك ضد البلاد واستقرارها. هذه هي دورة إنتاج الفراغ في بلاد ماتت فيها السياسة وبقيت الانتخابات موعدا متجددا لتكريس الوضع القائم.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات