السيد محمد الڨوماني : أطروحتك التطبيعية وردت معزولة

إذا كان الڨوماني دليل قوم زج بهم في نفق التطبيع مع الانقلاب: ملاحظات في ذكرى تأسيس جبهة لخلاص الوطني.

حالت إكراهات صحية قاهرة دون تمكني من حضور الفعالية التي نظمتها البارحة جبهة الخلاص الوطني بمقر حزب حراك تونس الإرادة تتويجا للاعتصام الذي نظمته طيلة شهر رمضان تحسيسا بقضية القادة السياسيين المعتقلين في زنازين الانقلاب دون تهم مؤكدة ودون محاكمات عادلة. اكتفيت بمتابعة البث المباشر، حيث أوكلت مهمة تقديم ورقة تقييمية لمسار جبهة الخلاص الوطني بمناسبة مرور عام على نشأتها على أن يفتح النقاش تفاعلا مع المضمون المقدم.

مغالطات وانحراف عن الموضوع:

1- المغالطات:

اعتبر السيد الڨوماني كون البيان الذي تلاه الأستاذ نجيب الشابي في قلب الاجتماع الشعبي للشارع الديمقراطي الذي دعا له مواطنون ضد الانقلاب كونه تاريخ الميلاد الذي توضحت ملامحه لاحقا. ولا ندري هل تعمد تغييب الحقيقة أم كان يفتقدها، وهو ما يضاعف الحيرة لماذا الڨوماني بالذات للحديث عن نشأة الجبهة وتقييمها؟!

هل غاب عنه أم تعمد تغييب الرحم الذي تخلقت فيه الجبهة، لماذا تناسى اضراب الجوع الذي دعت إليه مبادرة مواطنون ضد الانقلاب وأطرته وشاركت فيه ببعض قيادتها… الإضراب الذي تم تنظيمه عقب الاعتداء الهمجي الذي نفذه بوليس الانقلاب على نواة الاعتصام الذي ولد من رحم تظاهرة الشارع الديمقراطي ليوم 17 ديسمبر 2021… إضراب الجوع الذي كسر وضع التجافي بين مكونات المشهد السياسي الرافض للانقلاب، حيث تقاطر الجميع على مقر إضراب الجوع (نقر حزب الحراك) تعبيرا عن التضامن وانتظمت جلسات وحوارات وحلقات نقاش واتصالات كان من ثمرتها ميلاد جبهة الخلاص الوطني، وما البيان الذي تلاه الأستاذ نجيب الشابي لاحقا في أحد اجتماعات مواطنون ضد الانقلاب إلا تأكيد لذلك واعلان عنه.

اعتبر الڨوماني كون قاموس الجبهة مسقط على الواقع التونسي، غامزا لامزا لأهم شعار اجترحه مواطنون ضد الانقلاب وتواصل مع الجبهة: الانقلاب يقاوم ولا_يعارض، فالمقاومة السياسية استفزت من احترف المقاولة السياسية!!!

والأدهى أن الڨوماني يستنجد بالحزب الديمقراطي التقدمي زمن النوفمبرية لتأكيد مزاعمه كون عبارة المعارضة أصوب وأقوم من عبارة المقاومة، متناسيا أنه رفض سقف الحزب الديمقراطي التقدمي وجبهة 18 أكتوبر بدعوى لا واقعيتها، وانشق ملتحقا بتحالف متاضل ثان ذي سقف وخطاب أخفض نبرة في علاقة بالسلطة النوفمبرية (تحالف المواطنة والمساواة).

وفات السيد الڨوماني كون أسلوب ازاحة السلطة النوفمبرية لم تتم بالتفاوض والملاينة التي يدعو إليها وإنما تم بأسلوب المقاومة المواطنية الذي هجره، زمنذاك ونراه يهجره هذه الأيام!!!!

وعموما قد حفظت صحيفتا الطريق الجديد ومواطنون مداخلاتنا جميعا أثناء آخر تظاهرة سياسية انعقدت بشارع الحرية بمقر حزب التجديد (الشيوعي سابقا) والتي حضرها كل من مكونات تحالف المواطنة والمساواة وتحالف 18 أكتوبر (وإن كنت ناسي أفكرك).

المعارضة يا صديقي محمد الڨوماني تكون في ظل نظام شرعي منتخب يحترم الدستور ومؤسساته، أما سلطة انقلابية أغلقت البرلمان بدبابة وداست دستور البلاد مستعيضة عنه بالمراسيم لا أعتقد أنه يعارض بل يقاوم حتى يفيء إلى أعلى ميثاق التقى حوله التونسيون والتزموا به ويفترض يحتكمون إليه عند الاختلاف بديلا عن الاحتكام إلى الدبابة!!!

لا تنس صديقي محمد مواقفك غبّ الانقلاب ساعة كنت تصرح في الراديوهات والتلافز كونه يمكن اعتبار 25 جويلية محطة لتعميق الديمقراطية. ولا تنس أنك استقلت من اللجنة التي كنت تترأسها للحوار مباشرة يوم أول تظاهرة نظمها مواطنون ضد لانقلاب تحت سقف يسقط الانقلاب!!!!

أما حديثك "المثمّن" لمواطنون بشكل متكرر فقد كان مقصودا لتمرير المغالطات؛ فمواطنون لم ينقسموا يا سي محمد، بل اختلفوا في التقييم كيف تبنى الجبهة التي ولدت من رحم الشارع الديمقراطي الذي قاده مواطنون بشعارات المشترك الوطني، ديمقراطية دستور وحدة وطنية في مواجهة الانقلاب والمراسيم ودعوات التخوين والتحريض على الاقتتال الأهلي التي يقترفهاا قيس سعيد. وقد أثبتت الأيام صدق أطروحة المؤسسين.

2- الانحراف عن موضوع الندوة:

فضلا عن المغالطات، فقد عمد السيد محمد الڨوماني إلى استغلال المناسبة والحضور للترويج لرأيه الخاص الداعي إلى الكف عن نهج المقاومة والجنوح إلى نهج التطبيع مع ما اعتبره أصبح واقعا محرضا على مشاركته ومنافسته عوضا عن مقاومته. متناسيا أن الانقلاب الذي تلقى ثلاث صفعات شعبية مميتة على التوالي فشل الإقبال على الاستشارة (05 بالمئة والاستفتاء حوالي 25 بالمائة والانتخابات ا لبرلمانية 11 بالمئة… علما أنها أرقام السلطة). فعن أي أمر واقع تتحدث سبد ڨوماني. مواطنون مازالوا يحللون كون الانقلاب لم يخرج بعد من وضع الانقلاب بل يؤكدون أنه ازداد عزلة داخلية وخارجية وأنه يحمي نفسه بقوة السلاح العاري من كل غطاء سياسي أخلاقي.

ولعلك لاحظت حجم ونوعية الردود عليك ساعة فتح باب النقاش… أطروحتك التطبيعية وردت معزولة في عز الظهور المتألق لرئيس الجبهة الأستاذ أحمد نجيب الشابي وفي عز وضوح الخطاب السياسي لرئيس مجلس النواب الشرعي /رئيس حركة النهضة.

-هل بمثل خطابك التطبيعي تعبر الجبهة عن وفائها لقادتها المعتقلين في زنازين الانقلاب؟!!!!

-هل بمثل خطابك التطبيعي تعبر الجبهة عن تمسكها بحرية المناضل الكبير عصام الشابي الذي مازلت على يقين أن تم اعتقاله عقابا له على تقاربه مع جبهة الخلاص وحضور ندوتها الصحفية التي أعقبتها موجة الاعتقالات المروعة؟!!!

ختاما؛

أعتقد أن النقد الحقيقي الذي نوجهه لجبهة الخلاص الوطني (المكون السياسي الأكثر تعبيرا والأوسع انتشارا والأكثر قدرة على التعبئة الميدانية) هو التالي:

حتى لا يتم تبذير الرصيد النضالي وجاهزية الشارع الديمقراطي للمواصلة كان ومازال يتوجب على الجبهة أمرين:

إما فسح المجال للوجوه السياسية الجديدة التي وقف الخارج والداخل سلطة ومعارضة ومجتمعا على طاقاتها النضالية وتخففها من أوزار أخطاء العشرية المنقلب عليها ومواقفها النقدية والتزامها الديمقراطي وقدرتها على انتاج العرض السياسي والجمل السياسية المناسبة واستعدادها لخوض المعركة بسقوف عالية تترجم أشواق الشارع الذي يحضنها.

وإما تولي القيادات التاريخية قيادة الجبهة، الشابي والمرزوقي والغنوشي وغيرهم من القيادات التي يتم التواصل معها للتشبيك، وهو لعمري أمر لافت يستعيد ألق المعارك ويحصر الانقلاب في الزاوية.

أما اقصاء القيادات الجديدة والاستعاضة عنها بوجوه الصف الثاني والثالث المستقيلة من أحزابها وتسعى للانتشار على حسابها وشخصيات تم تخليقها قيصريا في آخر لحظة فلا أعتقد أنها حققت الإضافة المرجوة!!!

مازلت على يقين أن جبهة تنشط وسط شارع ديمقراطي وفي قدم الشهداء مازلت هي الطرف الرئيس في خوض معركة استئناف المسار الديمقراطي ووضع حد للعبث الانقلابي، لكني مازلت على يقين أن ذلك غير ممكن دون وقفة جادة مع الذات: هيكلة وعرض سياسي متكامل واحتضان حقيقي للطاقات الجديدة المتخففة من أوزار ماض متنازع عليه.

وللحديث بقية.

نقدي للصديق محمد الڨوماني نقد موضوعي وليس فرصة للتجريح، كل خروج عن الموضوع يقابله حذف.

سلام.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات