مشروع جديد لمجلة المياه دون استشارة المجتمع المدني يلغي فصل تنظيم مياه الشرب غير التقليدية

اعدت وزارة الفلاحة في الفترة الأخيرة مشروعا جديدا لمجلة المياه في سرية كاملة وأرسلته الى بعض المؤسسات العمومية بما في ذلك مركز بحوث وتكنولوجيات المياه في منتصف شهر جانفي لإبداء الرأي لكن سلطة الإشراف قدمت المشروع الى رئاسة الحكومة للمصادقة عليه من طرف المجلس الوزاري حسب تصريح وزير الفلاحة والموارد المائية المقال في اجتماع بولاية زغوان يوم 21 جانفي 2023 دون انتظار اقتراحات المؤسسات العمومية. كما وقع تغييب كلى للمجتمع المدني وللجمعيات الناشطة في مجال المياه خصوصا تلك التي كانت فاعلة طيلة السنوات السابقة في كل النسخ المتقدمة لمشروع مجلة المياه مثل المرصد التونسي للمياه الذي يتمتع بمعرفة دقيقة وفنية في المجال.

وبالمقارنة مع النسخة التي عملت عليها لجنة الفلاحة بمجلس نواب الشعب السابق لمدة 7 أشهر والتي قدمت لجلسة عامة في 15 جويلية 2021 حيث وقع التصويت بالإجماع على إرجاء النظر في مشروع القانون المتعلق بمجلة المياه، فان نسخة 2023 ألغت 4 فصول اهمها:

- الفصل 60 المتعلق بتنظيم بيع وتوزيع المياه الصالحة للشرب سواء كانت مياه تحلية منتجة من مياه الحنفية او مياه عيون موزعة عن طريق شاحنات معدة للغرض وذلك بكراس شروط، حيث ينص هذا الفصل على ما يلي: "مع مراعاة المواصفات التونسية الخاصة بمياه الشرب والمياه المعبأة يمكن بيع وتوزيع المياه الصالحة للشرب المعبأة والمعلبة النابعة أو غير نابعة والتي يمكن تعليبها في حاويات مائية طبقا للمواصفات المطلوبة ولكراس شروط مصادق عليها بقرار من الوزير المكلف بالمياه". علما ان هذا الفصل الذي وقع الغاؤه كان موجودا ضمن نسخة الوزارة المعدة سنة 2019 لكن بتوجه الى تضييق تطور هذه المنظومة الشعبية لمياه الشرب وذلك بوضع شرط ترخيص مسبق من الوزير المكلف بالمياه ووزير الصحة. علما ان هذه المنظومة انتشرت بصفة مهولة في كامل تراب الجمهورية نظرا لرداءة مياه الحنفية من جهة وغلاء المياه المعلبة من جهة أخرى. وهنا تجدر الإشارة الى أن اخر تقرير لقطاع المياه في تونس لسنة 2021 أكد أن نسبة العينات غير المطابقة للمواصفات المكروبيولوجية بلغت %10,6على المستوى الوطني، في حين ناهزت تباعا 35 و30 و20 % في كل من ولايات تطاوين ومنوبة وبن عروس وهي تمثل أحد أهم الأسباب لهجرة المواطن التونسي لمياه الحنفية. إذ توجهت الطبقات ميسورة الحال الى المياه المعلبة التي تتطلب أكثر من 100 د. شهريا لعائلة ب 5 أفراد. هذه الكلفة تمثل بين 10 و20 % من الدخل الشهري لما يزيد عن 50 % من العائلات التونسية التي يقل دخلها عن 1000 د. شهرها. وهذا ما أجبر هذه الشريحة الى الاتجاه الى المياه الشرب غير التقليدية والمنظمة في كل البلدان العربية الا في تونس. وبذلك سيبقى هذه القطاع غير منظم وغير ممنوع وبالتالي لا يمكن مراقبته وتطويره خدمة وحماية للطبقات الضعيفة في تونس1 .

كما وقع إلغاء الفصول 34 و35 و95 ويخص الأولان على احداث مؤسسات عمومية لا تكتسي صبغة إدارية للتصرف في المنظومات المائية بالمناطق السقوية العمومية بينما ينص الأخير على عمل السلط المختصة على استدامة المنظومات البيئية بما فيها الواحات عبر ضمان حاجياتها من المياه في إطار تخطيط وتنمية الموارد المائية وتقسيمها بين مختلف الاستعمالات.
وفي المقابل وقع تتقيح بعض الفصول وإضافة نقاط هامة مثل:

- التنصيص على "الإعلان عن حالة الجفاف بقرار من الوزير المكلف بالمياه وبناء على الرأي المطابق للمجلس الأعلى للمياه" ضمن الفصل 89 (الفصل ¬92 سابقا)

- التنصيص عن خضوع "ممارسة نشاط التنقيب والبحث عن المياه أو حفر الأبار المائية لكراس شروط تتم المصادقة عليه بقرار من الوزير المكلف بالمياه". ضمن الفصل 48 (الفصل ¬50 سابقا) وفي نفس الوقت حافظ الفصل على النقطة القديمة والتي تنص على ما يلي "تضبط شروط البحث والتنقيب عن المياه الباطنية بأمر مقترح من الوزير المكلف بالمياه" والتي سبق ان ذكرها الفصل 45 ضمن الأنشطة التي تخضع لنظام الترخيص المسبق من الوزير المكلف بالمياه. وهذا يتطلب إعادة صياغة المشروع والذي يبدو ان عملية تنقيحه كانت متسرعة.

- تغيير مرجع النظر من مجلس نواب الشعب إلى رئاسة الحكومة فيما يخص رفع التقرير التقييمي السنوي لتنفيذ الاستراتيجيات الوطنية لخدمات المياه والقرارات المتخذة من طرف الهيئة الوطنية التعديلية لخدمات المياه (الفصل 31) ومرة أخرى يتم تهميش جودة المياه وهياكل البحث العلمي الناشطة في المجال في المنظومة المستقبلية للمياه في تونس


1 تونس: قراءة في الفصل 64 من مشروع مجلة المياه الذي يتوجه الى منع تجارة المياه المحلاة المعدة للشرب, ليدرز 16/2/2021

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات