انقلابا لا يشبه غيره في التاريخ…

علّمنا التاريخ أن الانقلابيّين يبذلون كل ما بوسعهم لإنجاح "عهدهم الجديد" و مقايضة الحقوق و الحريات و دولة المؤسسات بالخبز و الأمن و الأمان ... و لكن مهندسو انقلاب 25 جويلية في باريس و ممولوه في دبي و شركاءه من القاهرة يبذلون كل الطاقات لإفشال المرحلة ... يبحثون عن عناصر الافشال بعينها و هو ما أفرز انقلابا لا يشبه غيره في التاريخ. انقلاب أُريد له أن يفتح أكثر من حضيرة في نفس الوقت:

1. مقاومة الفساد التي تُحدث في حد ذاتها زلزالا و بركانا و فياضانات، باعتبار أن الفساد أخطبوط مترامي الأطراف داخليا و خارجيا.

2. الاستحواذ على كل السلط و هو ما يُفرز بالضرورة معارضة سياسية و مدنية واسعة و يضعف مسار مقاومة الفساد في حد ذاته، بالاضافة الى السعي الحثيث لتوتير العلاقات مع منظمات وطنية و شخصيات عامة و الانفلات و غياب التعقل في التصريحات بمناسبة و بغير مناسبة في الأفراح و في الأتراح و استسهال وضع اصبع الاتهام على أشخاص بالتحديد مما يزيد في تسميم الأجواء.

3. تجاهل غير مسبوق لأهمية الدعم الخارجي من شركاءنا التقليدين و الفاعلين السياسيين و المؤسسات المالية الوازنة، و ارتباك في تغيير وجهة السياسات الخارجية و الحلفاء... و في نفس الوقت تواصل الاستيراد غير الرشيد و الاستهلاك المفرط و تقلص الانتاجية في وضع افلاس تام.

4. التغيب عن أهم الملتقيات الدولية أو ضعف المشاركة فيها و اخرها قمتي المناخ و السياحة.

5. و كأن كل ذلك لا يكفي... صانع الانقلاب في ظل هذا كله يُقرر من تلقاء نفسه الهدم و اعادة اختراع العجلة. حيث سيلقي في القمامة كل ما راكمناه من تجارب على مدى الاف السنوات و يحذو حذو ثلات تجارب فاشلة متجاهلا ما يزيد عن مئة و خمسين دولة ديمقراطية في العالم و يعيد البناء عن طريق اللجان الشعبية أو البلطجية و بطريقة لا يفهمها أحد في الخارج و لا في الداخل بمن في ذلك صاحب المبادرة.

انقلاب 25 جويلية هو سيناريو كُتب في باريس لتعطيل حياة الناس في تونس منذ 2011 و تنديمهم على الثورة وتعفين المشهد السياسي أكثر فأكثر ابتداء من 2019 ثم الانقلاب ذات 25 جويلة 2021 لينطلق التخريب التام و التحقق من افشال كل شيء، لغايات اقليمية أهمها زعزعة المنطقة و ضرب مصالح أعداء فرنسا في ليبيا و الجزائر …

يكفي أن نلاحظ أن حلفاء الانقلاب في الخارج أنفسهم لم يقدموا لتونس أي دعم ما عدا التهاني و التشجيع اللفظي، فهم راضون بالإفشال التام ... تاركين صانع الانقلاب يتخبط و أقصى ما يقدمه مونولوجات عصماء طوباوية تصدر يوميا عن صفحة رئاسة الجهورية على الفايسبوك و بلاغات ملفقة.

و يكفي أن نلاحظ أن داعمي الانقلاب في الداخل يعتمدون سياسة مبروك الحصان لراكب الفركة لجرّه الى الهاوية ... و منهم من يسعى كل يوم لتصفية حسابات شخصية باسم الانقلاب و الحاق الضرر بخصومه عبر التضييق على حرياتهم و ملاحقتهم بطرق غير قانونية و تشويه سمعتهم بلا وجه حق و السعي الحثيث لخلق مناخ الريبة و انعدام الثقة و بث الفرقة و تقسيم الناس بين مواطنين صالحين هم أنصار الانقلاب و طالحين هم أعداؤه.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات