لائحة الفاشية...والمستفيدون منها

Photo

إن السجال العمومي الذي رافق لائحة صانعة بن علي لتصنيف الإخوان حركة إرهابية، هو سجال يخدم العديد من الأطراف (داخل الحزام الحكومي وخارجه)، فهو يخفف الضغط على الفخفاخ وبعض وزرائه المشتبه في فسادهم، كما إنه يضعف موقف النهضة التفاوضي مع رئيسي الجمهورية والوزراء. ولذلك فإن الالتقاء الموضوعي بين بعض مكونات الحكومة (تحيا تونس، التيار، كتلة الإصلاح من جهة، والنهضة والائتلاف وقلب تونس من جهة ثانية) هو أمر منطقي بصرف النظر عن تقديرنا لهذا الواقع السياسي.

فاللائحة ترفع الحرج عن كتلة الإصلاح (وهي كتلة قدماء طلبة التجمع وبعض حلفائهم في اليسار الوظيفي) التي تتبنى مواقف عبير موسي لكن بصورة أكثر ليونة ومخاتلة- ولكنها في العمق تنتمي إلى المنطق الاستئصالي الصلب ذاته-. كما إن تحيا تونس (وهو واجهة سياسية لبعض مراكز القوى في المنظومة القديمة) سيبعد شبح فتح بعض ملفات الفساد المتعلقة بزعيمه يوسف الشاهد وغيره من قيادات الحزب.

أما التيار فإن موقفه الداعم لتمرير اللائحة قد يبدو ظاهريا موقفا اختزاليا تحكمه الشكلانية القانونية (وقد يقال في الاعتراض عليه أن الشكلانية القانونية تجعل الثورة ذاتها تمردا على سلطة المخلوع "الشرعية"، كنا ينسى أيضا أنه لم يطرح مشكلة السلطة التعديلية لمكتب مجلس النواب في مرات سابقة لم يمرر فيها بعض اللوائح د). ولكن التيار في الحقيقة يمارس السياسة بوعي وقصدية مدروسة رغم أنه يميل إلى إخفاء حساباته السياسية بمنطق قانوني شكلاني.

فالتيار يعرف جيدا أن تاريخه يشهد على أنه لم يكن يوما استئصاليا ولا انقلابيا، ولذلك فإنه لن يتأثر كثيرا بمهاجمته على أساس الالتقاء الموضوعي مع عبير موسي وبقايا المنظومة القديمة. فما يشغل التيار حقيقة هو إضعاف موقف حركة النهضة في دعوتها إلى توسيع الحزام السياسي للحكومة (ستجد النهضة نفسها في موضع الدفاع لا الهجوم)، كما إنه يقدم خدمة كبيرة للفخفاخ ومن ورائه لرئيس الدولة الداعم لبقاء رئيس الوزراء في منصبه رغم شبهات الفساد القوية.

أما النهضة فإن نتائج التصويت على تمرير اللائحة أمام الجلسة العامة تقوي حجج رئيسها في ضرورة توسيع الحزام الحكومي (بإدخال قلب تونس الرافض للائحة) كما تقوي حججها في غياب مبدأ التضامن داخل الحكومة وأحزابها الحاكمة، مما يستدعي تعديلات جوهرية على تركيبة الحكومة.

وأما رئيس الجمهورية فإن لائحة عبير تشير من طرف خفي إلى الطرف الذي قد يهدد بجعله" مشروع شهادة" ويهدد بنفس الحياة السياسية في تونس. ولذلك فإنه لن يجد حليفا موضوعيا (وإن لم يكن هذا الحليف بالضرورة حليفا صريحا) أفضل من عبير موسي سواء في دعوتها إلى النظام الرئاسي أو في مواجهتها المفتوحة مع حركة النهضة ومع كل مخرجات الثورة.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات