حتى لا يزيف الصادق شعبان طبيعة الصراع ..

Photo

طيف واسع من الدساترة و التجمعيين لاعب رئيسي في المشهد السياسي الحالي.. دعوات الاجتثاث المتبادل مجرد اقليات باصوات عالية..

لعلها المرة الثانية التي اناقش فيها افتراضيا بعد الثورة السيد الصادق شعبان حول تقديره للمشهد و رؤيته للمسار السياسي . مناقشة احد اعمدة التخطيط السياسي الاستراتيجي للنظام النوفمبري امر اراه مجديا لأنه مناقشة لإحدى سرديات منظومة متصدعة يبدو ان تشتتها على ايجابيته قد يمثل عائقا مرحليا يؤجل التسوية الضرورية بين قديم وجديد تحت سقف دستور 2014 لتتفرغ البلاد لمشروع التأسيس الثاني للدولة الوطنية .

يجب ان اسجل ان السيد الصادق شعبان كان أيضا للأسف قبل 14جانفي 2011 واحدا من اعمدة التيار المحافظ في النظام و قد ساهم بمشورته السيئة في اضعاف بعض نتوءات الرغبة في الانفتاح لدى تيار اخر في النظام بدا يدرك مخاطر الانسداد ليبحث عن سبل دمقرطة هادئة تجنب الشعب دفع ضريبة باهضة للتغيير و تمكن النظام و المعارضة الديمقراطية من انجاز تسوية ممكنة مازالت البلاد تحاولها حتى الان بعد الثورة و يبدو سي الصادق مصرا على اتخاذ نفس الموقف المتصلب منها في عناد تاريخي ظاهر .و تلك معلومات و حكاية اخرى ليس هذا مجال التفصيل فيها حاليا .

في تدوينته الاخيرة منذ يومين اقام الصادق شعبان تحليله على مغالطة مركزية قوامها ان الصراع الحالي هو بين دساترة / تجمعيين متجانسين في المواقف رغم تفرقهم على الاحزاب من جهة و دعاة اجتثاثهم من جهة اخرى .

و لتعميق المغالطة اضاف قواما اخر قدر فيه ان الدساترة / التجمعيين هم في وضع اضطهاد ضمن صراع رئيسي معهم في مواجهة تيار جارف لاجتثاثهم مما جعله يستثمر في ما حدث لعبير موسي في سيدي بوزيد ليعلن " نفاذ صبر " الدساترة / التجمعيين ليطلق ضمنيا خطاب مظلومية و دعوة توحيد مع لهجة تهديد مبطنة لا تخفي في الحقيقة الا قلة شجاعة احد رموز المحافظة الذي رفض بعناد غير مفهوم الانخراط في مسار الانتقال الديمقراطي و الاعتراف بالثورة ليشذ بذلك عن الخيار الذي ذهب اليه اوسع طيف من رموز الحزب / التجمع الدستوري ممن " تفرقوا بين الاحزاب " كما وصفهم في كلمة حق استنتج منها باطلا .

لا احد يصدق إلا اذا كان ساذجا ان " الثورة التونسية " كانت كغيرها من الثورات " التقليدية " بقيادة تيار او حشد شعبي انتهى الى اقصاء " النظام القديم " .يعلم الجميع انه منذ صباح 15 جانفي 2011 حتى انتخابات اكتوبر من نفس العام كان " القديم " طرفا رئيسيا في تحديد ملامح الانتقال التونسي و بعد قوس الترويكا الذي لم يستمر اكثر من عام واحد عاد الدساترة / التجمعيون الى قلب المشاركة في تقرير مصير الانتقال التونسي و قد اصبح " نداء تونس " بشكل رئيسي و حزب المبادرة بدرجة اقل ممثلين رئيسيين لهذا الطيف السياسي المعدل على ايقاع القبول بقواعد اللعبة الديمقراطية الناشئة بحيث لم يبق خارج هذا " المعطى السياسي " إلا أقلية من رموز النظام القديم الذين تم اقصاؤهم داخليا في اطار صراع بين اجنحة القديمة لا تتحمل فيه " الثورة " مسؤولية حسمه بينهم فضلا عن كون هذه " الثورة " نفسها لا تنطق بلسان واحد اذ يتفرق انصارها من الاحزاب و التيارات المختلفة بين من قبل التوافق و التحالف و التسوية مع من قبل من الدساترة / التجمعيين بحقيقة حدث 14/17 و بين من رفض هذه التسوية مع تسجيل ان الرافضين في الطيف الثوري كانوا اقلية في مخرجات انتخابات 2014 في حين انجز يسار الجبهة قبل انتخابات 2014 ثم اسلاميو النهضة بعدها تسوياتهم كل بطريقته مع الدساترة / التجمعيين القابلين بالديمقراطية .

خطاب المظلومية و ترويج زعم الخوف من الاجتثاث اذن هو مجرد مغالطة وظيفية تدير بها " اقلية دستورية / تجمعية " صراعها الداخلي مع رفاق الامس لكن هذا الخطاب المظلومي ارتفع مع عبير موسي الى مستوى تجريم الثورة و دستور2014 مما يجعل انتصار الصادق شعبان الى هذا الخطاب الاقلي مجرد امعان خطير في توتير الاجواء لاستفزاز الاقصى " الثوري " المقابل الذي سيوفر بغبائه المستمر ايضا فرصة لخطاب القوى المضادة للديمقراطية في النظام القديم لتحشيد كل الخائفين من ثورة او ديمقراطية لا تملك اصلا امام السيستام توازنا في القوة حتى تدعي قدرة استئصال القديم .

خطاب مظلومية اقلي في الطيف القديم مثل خطاب الاجتثاث الاقلي في الطيف المقابل هما خطابان وظيفيان لا نعلم مهندسهما و لكنهما التقاء موضوعي بقصد او بدونه على محاولة منع كل ذهاب هادئ للصندوق على قاعدة اختيار عقلاني يفرز قوى وطنية لمشاريع بناء لا استقطاب .خطاب الاقليات المتقابلة هو تزييف مسبق للارادة الشعبية العقلانية و السيد صادق شعبان يواصل اخلاصه لسياسة التزييف مثلما يواصل ادعياء الاجتثاث بلبوس الثورة او الاستئصال بلبوس الحداثة غباءهم في مراكمة فشل الاصلاح الجذري كما فعلت هذه الاطراف قبل الثورة ايضا و تلك ايضا حكاية اخرى ليس هذا مجال تفصيلها ….

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات