"... إلا الحماقة أعيت من يداويها" أو في انتقام "الرِّمــز" من الرَّمز

Photo

أسد من أسود الثورة يُحاكَمُ أمام القضاء العسكري ...

في قضيةٍ (التعذيب الذي مورس على ضباط الجيش فيما يُعرف بقضية براكة الساحل) الطالبُ فيها مطلوب لعدالة الثورة والتاريخ ...

يوم المحاكمة (أو المثول أمام التحقيق) 17 ديسمبر ذكرى اندلاع ثورة الكرامة.

حدثٌ سيختصر المسافات، ويكثّف في صلبه الرمزيات، تماما كما كثّفها شعار "جيناك بلاش فلوس" حول المرشح المرزوقي ذات 17 شهر ديسمبر 2014 في سيدي بوزيد.

ككرة الثلج المتدحرجة، ما فتئ الجلادون وبيادق أنظمة الاستبداد والفساد السابقة تعود إلى المشهد من جديد، تحتلّ المربّعات تلو المربّعات، وتنفض عنها غبار "غفوة" لم تدم أكثر من أربعة سنوات ظنّ فيها الحالمون بالثورة أنهم كسبوا المعركة، ولم تُحقق الوقائع أنهم كسبوا جولةً حتى. تمكن الفاسدون وأدوات المخلوع بن علي من إعادة التموقع، وإعادة السيطرة على مفاصل الدولة والمجتمع، التشريعي منها والتنفيذي والقضائي، بل وحتى الإعلامي والمدني.

ما الذي بقي من ثورة 17 – 14 ؟ هي ثورة قامت ضد "الإهانة"، أو "الحُـــــــقرة" (بتفخيم القاف) كمفهوم فلسفي- سياسي- نفسي، قامت من أجل الكرامة. هي ثورة قيمٍ بامتياز، أدواتها الرئيسية تكثيف الرمزيات، وتحويلها إلى معاول تهدم بها قلاع منظومات قيمية فاسدة، عمّرت قرونا من الزمن، وتبني بها بناءات جديدة من المعنى ومن التنظّم.

ما بقي من الثورة هي الرمزيات، وهي أغلى ما تملكه. لذلك ستكون أخطر ما سيواجهه النظام القديم للقضاء على الثورة بعد أن "مكّن" لنفسه في الأرض وفي السماء ... أو هكذا شُــبِّهَ له. عز الدين جنيّح يتطاول – مستعينا بكل ما تملك الدولة من آليات هيمنة – على الأستاذ الدكتور عبد الرؤوف العيادي.

أقذع ما في ماكينة الجلادين في مواجهة أشرف ما يمثله العيادي – الرمز من قيم الإنسانية المتحررة. معركة قابيل وهابيل الأولى ورمزيتها المكثفة …
﴿مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ﴾ أُريد للحدث أن يكون تكثيفا فارقا للرمزيات، معركة رمز بامتياز.

القضية رمزية، وطرفاها يمثلان سرديتين رمزيتين متناقضتين، والتاريخ فارق الرمزية، وطبيعة القاضي (الحَكَم) قاتل الرمزية.

فماذا أنتم فاعلون يا من حلمتم يوما بسردية جديدة، وحملتم معاول رمزياتكم لبناء قيم جديدة؟
هل ستتركونهم يسقطون "الغصن الأخضر" من أياديكم ؟

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات