الجثة 13..

Photo

هي جثة الإرهابي الذي فجر حافلة الأمن الرئاسي في شارع محمد الخامس. قيل ياسين الكعبي ثم تبين أنه حسام العبدلي. الاسم الأول ذكرته مواقع إلكترونية عديدة مثل الثورة نيوز والحصاد.كوم، والجريدة.كوم، والإخبارية التونسية، وأنفاس بريس وغيرها، واعتمده سياسيون وإعلاميون ونقابيون أمنيون، وتناقله مدونون وناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي. فقد قالوا بأن الإرهابي هو ياسين الكعبي، مع إضافة أنه "شقيق صهر راشد الغنوشي". كما جاء أيضا بأنه عنصر من "جهاز الأمن الموازي"، الذي ينسب عادة إلى حركة النهضة، بما يجعله قرينة على تورطها في الجريمة.

نفس الأطراف ذكرت بأن المنفذ كان قد انتدب في الأمن الرئاسي اعتمادا على "المحاباة والمحسوبية"، وذلك عام 2012 أي في عهد الرئيس المنصف المرزوقي، قبل أن يقع التفطن إلى أنه ذو ميولات سلفية جهادية ويقع فصله. كما ذُكر أن المرزوقي كان قد استقبل منفذ العملية في قصر قرطاج. والواضح أن الهدف من كل ذلك هو الوصول إلى أن نستخلص بأن الإرهابي ذو صلة بالرجلين، وأنهما مورطان أو حتى شريكين في الجريمة الإرهابية.

نلاحظ في الأثناء أن تلك "التأكيدات" و"التسريبات" و"الأخبار" سبقت نتائج الأبحاث التي كانت تجريها وزارة الداخلية، وسبقت نتائج التشريح الطبي. وهو ما يعني أن ما كان يهم مروجيها ليس معرفة الحقيقة ولا التصدي للإرهاب، وإنما توظيفه ضد خصومهم أو بالأحرى ضد أعدائهم السياسيين. تماما مثلما كانت كل الأحداث تُدرج ضمن التجاذبات التي عاشت على وقعها البلاد في ظل الترويكا والتي أودت بالثورة إلى ما نحن فيه الآن. إلا أن أولئك السياسيين يتمادون في نفس التمشي وكأنهم لم يستخلصوا أية دروس من كل ما جرى.

وعلى أية حال فإن حساباتهم هذه المرة لم تلبث أن بعثرتها وزارة الداخلية نفسها، إذ أعلنت عن الاسم الرباعي للإرهابي الذي فجر نفسه في حافلة الأمن الرئاسي وهو المسمى حسام بن هادي بن ميلاد العبدلي، وأنه بائع متجول، ولم يكن بالتالي في الأمن الرئاسي. بمعنى أن ما بثته المواقع الإعلامية وروج لها عدد من الناشطين السياسيين لا يعدو أن يكون أكاذيب وأخبارا زائفة، والأخبار عندما يتبين زيفها تنتهي بالنيل من صانعيها ومروجيها، في حين يستفيد منافسوهم كونهم ضحايا التشويه والدعاية، فيكتسبون تعاطفا غير متوقع، وبدون أن يبذلوا مجهودا يُذكر.

مستفيد آخر مما وقع الترويج له من الأخبار الزائفة وهو الإرهاب نفسه، فقد ساهم مروجوها بقدر أو بآخر في تشتيت الأنظار -ولو لبرهة- عن الإرهابيين، مع ما صاحب ذلك من محاولة لتوجيه المعركة نحو المنافسين السياسيين، فضلا عن الحقوقيين، واستغلالها للنيل من الحريات. وعوض أن تتوحد الساحة السياسية في مواجهة الإرهاب، يتم الدفع بها نحو الفتنة والتحارب الأهلي. وهو ما يكشف في آخر المطاف أن هناك جهات ما تبذل قصارى جهودها للوصول إلى هذا السيناريو تحديدا.

27نوفمبر 2015.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات