شكرا نادية بوستّة لأنك أبقيت القليل من الأمل في زمن القحط هذا !!

من خلال فيديو يغطّي احتجاجات ڨابس لعشية،لفت انتباهي حضور الممثلة نادية بوستة .. كانت تتقدّم الصفوف وتهتف مع المحتجين وهي تغالب دموعها والتأثر بتلك الهتافات باديا في كل ملامحها .. كانت تهتف من أعماقها.. وجودها هناك مع الڨوابسية لم يكن من أجل الصورة.. بل اعتقده قناعة و ايمان بمشروعية الحق المُطالب به.. ولقد رأيت تلك القناعة، حقيقية جدا .. لم تنسحب في الهتافات السياسية كما يفعل البعض ولم تتوارى في تركينة خوفا من الظهور في "المشهد الاحتجاجي" بل كانت مؤمنة بما تفعل وما تقول..

علاش قلت لفت انتباهي.. لأنه من المفروض ان يكون حضور الفنانين، والممثلين و الاكاديميين لإسناد الحركات الاجتماعية هو الطبيعي والمنطقي والواجب الانساني والفكري الذي لا يجب ان يتخلّف عليه المثقّف أي كانت افكاره أو توجهاته!!

لكن ليوم بعد السقطة المدوية ل "إسم من ورق" وهو يشتم المحتجين، بأقذع الألفاظ والتي لا تعكس الا مستوى منحط لصاحبها، رأيت في حضور نادية بوستة وانحيازها كوجه سينمائي وتلفزي لمطالب المواطنين ضوء خافت في نفق مظلم في تونس يسمّى "الساحة الثقافية" - مع التنسيب طبعا وبعض الاستثناءات المعروفة للجميع - ولكن الاغلبية عرّتهم تماما غياب المواقف حول ما جرى ويجري في تونس اما حرب الابادة فقد سلخت أغلب الوجوه بأبرة…

بل اصبح حضورهم و رؤيتهم يلازمه شعور عميق ب "الاحتقار الشديد" من الكثيرين وأنا أولهم.. تضاءل بعضهم حتى بات كائنات مجهرية مشوهة.. ونزعت عنه صفة العلم والمعرفة والثقافة تماما ولم يبق لهم الا صفة العرابني.. عرابني الجوائز و عرابني الدعم وعرابني التهريج امام الجمهور تمثيلا وكتابة وفكرا وغناء !

وبالنسبة لنادية بوستة لن أقيّمها فنيا ولن اقول اني منبهرة بما تقدّمه حيث لم يتسنّ لي مشاهدة أغلب اعمالها.. ولكن سمعتها في بعض المداخلات ورأيت فيها ممثلة مثقفة وعميقة وامرأة فاهمة روحها ومتحرّرة من كل الكليشهات البائسة.. و يكفيها دائما شرف التعبير عن مواقفها من مختلف القضايا وتبنيها لقضية الحرية وهو ما لاحظته منذ حين وانا اتصفّح صفحتها.. في الحقيقة وانا أتصفّح صفحتها تذكرت كل تلك الحملات البشعة التي شُنّت عليها من "مجتمع الاخلاق الحميدة" المنافق من أجل لباسها وظهورها باطلالات جريئة في بعض المناسبات وشعرت بالقرف من السطحية والرثاثة التي نغرق فيها يوميا.. حيث نحكم دائما على القشرة ولا نهتم ابدا لافكار وانسانية الشخصيات المشهورة ..

ثم أين اليوم جماعة الفتوحات الجديدة و"الاخلاق الطافحة" و المثالية الكاذبة في الفن وفي الجامعة وفي الادب وفي الفكر وفي الكرة.. اشبينا ما سمعناش حسّم في أي قضية عادلة لداخل والا البرّه.. اشبيهم موش ملتصقين بهموم شعبهم كما يجدر بأي مثقف ان يكون.. اشبيهم لكل خانسين ما تسمع حسّهم كان كي يبدا فيلم جديد والا جائزة تافهة والا كي يبدا سامي الفهري في الكاستينغ متاع رمضان

برشه ممثلين وفنانين و زعمه زعمه مثقفين يلزم يحشمو على ارواحهم.. اما الله غالب الوجوه مزلوعة طول!

شكرا نادية بوستّة لأنك أبقيت القليل من الأمل في زمن القحط هذا !!

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات