المجتمعات الفاشلة لا تنتج إلا العنف والتوحش ونحن مجتمع فاشل..

أن يصبح العنف مشهدا فرجويا يتحلّق الناس لمشاهدته والتلذّذ بالصفعات والركلات والدماء السائلة من أنوف "مصارعي البطاحي" ليس إلا عينة طبيعية لمجتمع عنيف ومتعصّب ومنغلق..

أولئك نحن و"لايا وبوسعادة" (الزوز رابورات) هما نتاج هذا المجتمع وعركة "المجالدين" البارحة والتي تذكرنا بمصارعي روما وهم يتقاتلون لتسلية الجماهير لا يجب أن تصدمنا لأن ذلك نتوء جبل الجليد فقط.. ففي الأعماق هناك عفن أكثر وأتعس..

هما من المؤثرين في آلاف الشباب المراهق.. وممن يؤثثون بلاتوهات البوز ونشر الملابس الداخلية، بودور، التي يستهلكها الجمهور بنهَم لأنها تعكس مستوى الأغلبية في التفكير والاهتمامات ..

ولايا وبوسعادة ممن يتغذون من ثقافة الشارع وهما يعكسان مستوى هذا الشعب في ميله الى العنف و النيل من الأخر جسديا ولفظيا.. انظروا فقط الي نسب جرائم القتل السنوية.. الى ظاهرة تقتيل النساء. الى مستويات العنف لدى الأطفال و فشل منظومة السجون ومراكز إصلاح الأطفال الذين في خلاف مع القانون في الإصلاح والتأهيل ..

أحنا كل تركينة في حياتنا منتجة للعنف..

الأسرة منتجة للعنف، المدرسة، المعهد، الجامعة، الشارع، كل بلاصة منتجة للعنف!!

في المقابل ما هي سياسة الدولة في مواجهة الجريمة بأنواعها.. تبني الحبوسات.. تزيد نصوص التجريم.. تضاعف العقوبات..

هل هناك برامج إصلاح واشتغال في العمق على ذهنية المجتمع.. أبدا..

نظام تربوي لا يرتقي حتى الى مستوى محو الأمية بشكل حقيقي.. ويكتفي بتخريج الألاف دون تحصيل معرفي وثقافي لافت.. دون أن يساهم في بناء شخصية متوازنة.. لأنه يقوم على التلقين مع إطارات تربوية أغلبيتهم الساحقة تفتقد الخبرة النفسية والاجتماعية في التعامل مع الأطفال والمراهقين..

ماركي جورناته وروّح..

ازرب باش تكمل برنامج سخيف محشو بالمعلومات وليس الأفكار..

وهنا علاش نبدو نتفكهو اخر العام كي التلامذة يمزقون تلك الكراسات كاحتفال بانتهاء عام الربطية التربوية.. ثماشي مؤشر اكثر من هكا بأن هذا النظام التربوي لا ينتج الا جهلا مركبا يضاف الى جهل الجاهلين!

وقبل هذا لكل وين العايلة.. بو و أم يلاحقان رغيف الخبز دون تشبّع بفكرة أن دور العائلة يتجاوز توفير الحاجيات المادية الى بناء شخصية الطفل.. لأن انجاب طفل لهذا العالم هو مسؤولية اجتماعية وإنسانية عظيمة وليست عملية تكاثر دون هدف..

البو والأم نهار كامل في الخدمة.. الحضانة والمدرسة والشارع تولي عندهم مهمة التربية وهوما أصلا موش مؤهلين لتربية قط موش ذات بشرية.. تروح الناس لكل في الليل.. لكلها مهدودة بأقل كلمة وأقل حس.. وكل واحد غاطس في التاليفون وباني عالم وحدو.. ثمه تواصل.. ما ثماش.. ثمه اهتمام خاص بالأطفال.. اش يعملو، اش يحبو، اشنوة أزماتهم النفسية.. ما ثماش.. المهم يجيب معدّلات تافهة لتتباهى به العائلة قدام الأصحاب والأحباب... هل تصنع تلك المعدلات المشرية بفلوس الدروس الخصوصية ذات بشرية مبدعة.. أبدا.

إي اشنوة تحب اطلع التجربة الأسرية هاذي، ذوات سوية.. عباقرة.. فلتات.. مبدعين مثلا.. مستحيل..

هل انتبهت الدولة لهذا الدمار الأسري الذي من الطبيعي أن يكون صداه في كل المجتمع وأرست برامج بديلة للإنقاذ.. أبدا

لا رياضة موجهة.

لا برامج ترفيه و ثقافة هادفة.

لا برامج اجتماعية تعالج عمق المأساة.

في المقابل هناك اكتساح لعالم مزيف تصنعه وسائل التواصل الاجتماعي.. حيث تتغير عناوين النجاح لتصبح ثقافة "كبّس كبّس" هي المسيطرة وهي صانعة الثراء والشهرة والتميز.

وفي الأثناء الدولة تفكر بطريقة عام سبعين.. كليشهات وشعارات سخيفة ومسؤولين موش فاهمين حتى هذا العالم الجديد.. اعطوني قداش من دراسة اجتماعية تعملت على تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على المجتمع التونسي.. اعطوني تره.. اصلا ثمه مختصين في علم النفس والاجتماع مواكبين للي قاعد صاير.. والا حدّهم دوركايم لتوه !!!!

انحدار على كل المستويات في الذوق وفي أسلوب الحياة ولا اقصد هنا جودة الحياة لأنك تنجم تكون لاباس عليك ماديا أما زوفري ومڨوعر في مخك..

انحدار معرفي وابتذال في كل التصرفات و تجوبير في كل شي و عدوانية مفرطة و ميل الى العنف وهوس به..

لماذا ؟

لأن الإنسان عندما لا يكتسب المهارات اللازمة للتعبير عن ذاته بشكل راقي ومقبول اجتماعيا.. يعود إلى طبيعته البدائية ويصبح العنف الوسيلة الوحيدة لإثبات الذات.. ولأجل ذلك نرى العنف يكتسح كل الميادين حتى الخطابات الرسمية لأن العنف والعدوانية هما الصفة الخام في التعبير عن الذات في نسختها البدائية بعد أن عجزت عن اكتساب مهارات تمكنها من الإنجاز والنجاح و لفت الانتباه!

وعليه المجتمعات الفاشلة لا تنتج إلا العنف والتوحش ونحن مجتمع فاشل..

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات