"الرّيّس النّهاردة قال كلام في قمّة العراق لو قالو في مصر يتقبض عليه"

"الرّيّس النّهاردة قال كلام في قمّة العراق لو قالو في مصر يتقبض عليه". كلام ضرب عصافير كثيرة بحجر واحد كتبه مواطن مصريّ على الشّبكة العنكبوتيّة فأجاد التّعبير عن واقع قد لا تراه العيونُ المملوءة بغبار عصبيّة الأيديولوجيا الحمقاء الرّعناء التي أفسدت علينا كلّ صوابٍ وسدّت في وجوهنا طُرق الحقّ الذي يجب قولُه ولو على أنفسنا.

هو خطابٌ يذكّرني ويذكّرك (كاف الخطاب لا تشمل الرّابضين على بيض قناعاتهم الخرقاء الذي لم يفقس سوى المآسي طيلة ما يزيد عن سبعة عقود !) بأسلافه التي كان يصدح ببعضها لسان بشّار الأسد وقد ارتفعت مضامينها بترخيص مسبق من الكيان الغاصب في إطار سياسة معتِّمة كثيرا ما انطلت على الحمقى والمغفّلين…

تحدّث انقلابيُّ مصر عن غزّة ومعاناة شعبها اليوميّة الوحشيّة تقتيلا وتجويعا وتشريدا كما لم يتحدّث غيره من ممثّلي بلدانهم في قمّة (اقرؤوها بمفهوم الرّاحل مظفّر النّوّاب) العراق. تحدّث عنها كما لم يكن مَن أعمل قبضته في رقبة غزّة فكتَم أنفاسها لصالح العدوّ الصّهيونيّ الممضي على علوّ الخطاب في قمّة جامعة أبي الغائط أكرمكم الله... تحدّث عنها كما لم يكن سدّ عليها وعلى شعبها ومقاومتها كلّ سَمّ خياطٍ يمكن أن تَنفذ منه حبّةُ طعام انعدم فأضحى معه الجوع حليفا لأطنان الأسلحة المدمِّرة الفتّاكة النّازلة بوحشيّة لا وصف لها فوق رؤوس العوائل المهجَّرة قسرا تُفتّت أجسادها تفتيتا.

يا صاحب مصر المحبوسة (ما عادت محروسة)، أيّها الحارس الوفيّ لكيانٍ صهيونيّ أثخنتْ فيه المقاومة الباسلة بتنويعها لاستراتيجيّات قتالها الباعثة على الفخر والانشراح، ملعونٌ من يقول ما لا يفعل، ورجيمٌ من يبيع كلاما رنّانا في ملتقًى ما عاد عاقلٌ ينتظره منه مخرجات تستلّ أمّة العرب من طين خِزيها وعارها وخِذلانها لإخوة الدّم والتّاريخ والمصير…

يا صاحب الجيش "البسكويتيّ" "الكِفتويّ"، لقد كان بإمكانك أن تفعل الكثير لشعبِ غزّةَ القابضة على الجمر الملتفِّ حول مقاومته رغم الدّاء والأعداء لكنّ ارتهانك المفضوح لمن جاؤوا بك إلى كرسيّك عجَمًا وعربًا تُشيّد القصور الفارهة بثمن خبز شعبك الجائع المقموع الذي مازال يستشعر آلام إخوةِ الجوار جعلك بائعَ كلامٍ لا يستطيع إلى الفعل سبيلا.

يا "ريّس"، كما يقول الإخوة المصريّون، حتّى لعبُك دورَ الوسيط لم يكن بوما نزيها وعادلا، فقد انحزت فيه فوق الطّاولة وتحتها لعدوّ أمّتك انحيازا لا شكّ فيه. والقارئ المتوازنُ لا يحتاج أن أقدّم له شواهدَ على ذلك، فهي ملقاةٌ على قارعة الطّريق لا يُخطئها إلّا من هلّلوا لعودتك وعودة عسكرك المغوار.

اسمح لي بأن أعرّج على الدّولة العربيّة الثّانية التي تولّت الوساطة فأسألُ أميرها الذي غادر قِمّتكم دون أن يُسمِع المهتمّين من مواطني العرب السّذّج خطابَه: إذا لم تكن قادرا على فرض ما اتُّفِق عليه مقابل إطلاق حماس المجنّد الأمريكيّ قاتل أبناء غزّة صغارهم وكبارهم فلا تلعبْ هذا الدّورَ ودعِ الفلسطينيّين مقاومةً وشعبا ينتزعون شوكهم بأنفسهم، وإنّي لَأظنّهم قادرين على ذلك رغم الدّاء والأعداء.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات