أنتم تنسون؟ أنا لا أنسى: أحد الأدلة لتفسير ما حدث لنا من "غدر" في تلك العشرية هو ظهور عون أمن بلا حيثية ولا حتى باكالوريا في برنامج وقت ذروة في وسيلة إعلام تونسية يهددنا بالإشارة بيده إلى مكان المسدس في حزامه، علامة استعداده لتصفية مخالفيه، ثم تعيينه في سفارة تونسية في أوروبا مكافأة له، ذكرني بعون أمن قتل طالبا زمن بن علي، لاحقوه حتى عثروا عليه في السلك الديبلوماسي التونسي في إفريقيا جنوب خط الاستواء،
أية دولة عميقة كافأته بدل إحالته على مجلس التأديب؟ أين اختفى عمي الراجل اليوم؟ من جاء به ومن فرضه في الإعلام وفي أي إطار؟
صحيح أن الله خصاي في العفاريت، لكن ذلك لا ينطبق عليه، فقد عبأ ما استطاع تحت حماية الاستثناءات الديبلوماسية ثم اختفى ليعيش سعيدا، فيما وصلنا نحن إلى ضرورة "ولا عذر لأحد في التخلّف عن الركب"،
كم نحن بحاجة إلى تفكيك شخصية الجلاد العربي
لا يخلو يوم في سوريا من القبض على أحد جلادي نظام الأسد حيث يتم استعراضهم مثل فرائس الصيد، أحيانا بوجوه مشوهة من الضرب في إخراج مسرحي يصل إلى حد إحضار بعض ضحاياهم، ربما يعالج ذلك شيئا من آلام الضحايا،
أحدهم مسيحي قال إنه يفضل آية من القرآن "وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ" لتبرير الانتقام، كما في وضع تيسير عثمان محفوظ من الفرع 215 من المخابرات السورية، ويعرف بـ"أبو محمد تيسير"، تنسب له عمليات تعذيب وقتل جماعي مروع تجاوزت خيال الكاتب ماركيز في رواية خريف البطريرق وشناعة أكثر الأنظمة عنفا،
لكن السؤال الحقيقي الغائب هو: كيف ينتقل العربي من الطفولة ولعب الكرة والدراسة وكتابة رسائل الحب إلى بنت الجيران وقراءة أشعار نزار قباني وترديد أغاني أم كلثوم وعبد الحليم ليصبح جلادا متوحشا إزاء أخيه، ابن عمه، جاره، زميل دراسته، لأجل أي شيء يقترف تلك الأفعال الشنيعة التي تتبرأ منها الشياطين؟
هل صحيح أن تلك الأعمال التي تعد عارا علينا نحن العرب، كانت مجرد تنفيذ أوامر عليا أم كانت متعة شخصية خالصة؟ كيف كان يبرر لنفسه قتل أخيه أو جاره دون أية عدواة سابقة؟
وهي أسئلة يجب أن يتجند لها علماء النفس والاجتماع الأطباء من كل اختصاص ويستمعوا إلى هؤلاء الجلادين، لتفكيك شخصياتهم وبيان طريقة تكوينها خوفا من موجات جلادين جدد، مبثوثين في كل العالم العربي الذي يصفه مظفر نواب بأنه سجون متلاصقة، سجان يمسك سجان،