مقامة السندِباد واكبر قوة في البلاد

من عجائب الدهور وغرائب العصور ما حدّث به سِندباد البحور وڤطّاع البُرُور.

قال: لمّا وصلت صقلية سمعت ببلد يُقال له افريقية به خيمة عجيبة الاطوار كثيرة الزوّار تلِدُ منذ قرنين الرجال والمناضلين والاحرار. فقلت في نفسي لابد ان صاحب " عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات" قد اغفلها.

قال السندباد: ذهبت الي جبل شاهق يطوف به رُخٌّ سارق فربطت قطعة لحم على بطني واستلقيت على ظهري فوقع الرخ على اللحم وحملني معه الي افريقية.

قال السندباد: وضعني الرخ في ساحة عظيمة مكتظة بالخلق كأن بها وليمة وعلى الجدران صور واعلام ولاتسمع فيها لغوا ولا شتيمة. فأخذت بيد واحد من الطوّافين وسالته " لمن هذه الصور ولماذا يستغربونهم ويستعظمونهم؟"

فتنهّد حتى خِشيت ان ينسلّ قلبه من جوفه وشخص ببصره الي الحائط وقال : هؤلاء ابناء الخيمة، هذا الحامي وهذا حشاد وهذا التليلي وهذا عاشور واخيرا وضعنا احمد بن صالح وهذا جراد والعباسي.. ثم اجهش بالبكاء فتعجبت من بكائه وليس في الامر غير الفخر.

قال السندباد: وبينما انا اطوف بعرصاتها وأُقلّب صفحاتها واستمتع بخطبها وصيحاتها اذ سمعت جلبة وهاتفا يهتف " اتحاد ديمقراطي!" وقابلهم اخرون " عاش عاش! الانضباط الانضباط!" فقلت لاحدهم " ما الذين دهى هؤلاء الزوار وهل يلتقي هنا غير الثوار والابرار؟"

فقال: هؤلاء الاخوة سامحهم الله يحتجّون على قدر الله، فأقبلت عليه كالمستفسر فقال " لقد عُڤرِت الخيمة ولم تعد تلِد وهؤلاء الرفاق يحتجون على قدر الله"، فحوقلت وقلت هل يحتج على قدر الله غير القوم الكافرين؟

هوّنوا عليكم فقد ولدت مريم بلا بعل اصابها وولد زكريّا وقد بلغ من العمر عتيّا، فانتفض غاضبا وقال " لا ! وماينبغي لها !" ثم تمتم بكلمات نضالية واوراد ثورية لم افهما من قبيل " قيادات تاريخية.. الوضع حرج.. دواعش.. خوانجية" فلم افهم اهو حزين لأنها عُڤرت ام فرح بذلك. وقلت" وماذا ستفعلون بهؤلاء الاتباع والمريدين؟ من سيعبُرُ الرويا ويتقبل الاتاوات والاعطيات ويقود " الاودي" و " الباسات" ويداوي الجذام ويكتب التمائم والتعويذات؟

فقال: لقد اجتمع الراي وقررنا ديمقراطيا التمديد لكبار الكهنة الحاليين. فقلت: أولم تَلد الخيمة بعد هؤلاء جيلا يخلفهم؟ فقال : بلى ، ولكنهم ليسوا" تاريخيين" فقلت : فهم ماذا اذا؟ فقال : جغرافيون. فقلت: نعم الراي اذن، ولكن الي متى وقد عُڤرت الخيمة؟ فاطرق وقال" التنفيذي الاخير لا يموت ابدا، سيرفعهم الله اليه عندما يشيخون ويحوّلهم الي طيور بيضاء تحوم فوق الخيمة فينظر اليهم المناضلون والسّحرة والراسخون في العلم ويُؤوّلون حركاتهم فيستلهمون منهم القرارات التاريخية"

قال سندباد: فذهبت وانا اقول في نفسي " هذا اغرب ما رأيت في اصقاع الدنيا.. هؤلاء نسل سليمان فقد علمه الله لغة الطير".

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات