فيني سامية؟.فينو خالد؟…

Photo

قام شبه إجماع على أنّه لا بُطولةِ بعد 14 في موضوع الاستبداد، لِمَا كنّا نظنّه من اتجاه غالب وقويّ نحو تأسيس الحريّة والتفرّغ لتنمية البلد المهدّم.

ولكنّ أطوار الانتقال إلى الديمقراطيّة أبانت عن أنّ الأمر أعقد مما كنّا نتصوّر، فسمحت بمجال جديد للبطولة والشرف هو دعم شروط الديمقراطيّة ومواجهة أسباب استهدافها، وفي مقدّمتها الحزب الفاشي…فالفرز اليوم يتمّ على قاعدة الديمقراطيّة ومسارها.

ويتأكّد هذا، فمن اعتبروا استهداف الديمقراطيّة ومؤسستها الأصليّة البرلمان من قبل الفاشسّة "وجهة نظر سياسيّة" وليس خطرا تُعتبر مواجهته أولويّة الأولويات عند القوى الديمقراطيّة، تجاوزوا التقاطع مع الفاشيّة (التصويت المشترك في ثلاث مناسبات) واللقاء الموضوعي سياسيّا.

فما عرفه مجلس النواب اليوم جعل من التيّار والشعب أداة بيد عبير تواجه بها المسار.

فالحزب الذي مرجعيته فعليّا الديمقراطيّة ومسارها سيرتّب كلام العفّاس وبلطجة الفاشيّة. وحتّى إذا كان موقفه جذريّا من كلام نائب الائتلاف فإنّ كلام النائب يبقى وجهة نظر تواجه بما يخالفها من وجهات نظر بالحجج والنصوص المرجعيّة في الدستور والقانون والثقافة الأهليّة. وفي كلّ الأحوال ما يستعاد من "هووي" هو اليوم لا ينفصل عن "الديمقراطي" والصراع السياسي بين المسار الديمقراطي وأعدائه. لذلك قلنا هي عركة سياسيّة وليست عركة فكريّة.

ولكن ما شاهدناه هو التورّط في عركة مع الائتلاف بلغت حدّ تبادل العنف اللفظي والمادّي مرفوض بقوّة.

لو كانوا ديمقراطييين لكانوا واضحين ومستقلّين في اختلافهم القوي مع النائب العفّاس. وجذريّين في مواجهة الفاشيّة وهذا هو المطلوب. هذه هي المعادلة.

ولكنّهم خسروا المعركتين: اصطفّوا وراء عبير في مواجهة "الخطاب الظلامي" (لم يقودوا العركة بل تزعمتها الفاشية في مكتب البرلمان ولجنة المرأة). ثمّ تطوّعوا لمواجهة ائتلاف الكرامة نيابة عنها وحوّلوا المعركة مع الفاشيّة إلى عركة ائتلاف/تيّار.

خلاصة الهدرة: تَصَدَّ للفاشيّة بمبدئيّة دفاعا عن الديمقراطيّة ومسارها وقل ما شئت في العفّاس وغيره..

والائتلاف، من وجهة نظرنا، من القوى الملتزمة بمرجعيّة الثورة والدستور والديمقراطيّة واستكمال مسارها وبالانتخابات الحرّة والشفافة طريقا للتداول على الحكم. ولم يعرف عنه مخالفة قواعد الديمقراطيّة والاختيار الشعبي. وكان ضحية عنف إرهابي في مناسبتين طال نائبين من نوابه.

هل يمكن لمن يستهدف الديمقراطيّة ويهين الشهداء ويمجّد الاستبداد ويعمل على استعادة أبشع صوره بتمويل إماراتي أن يكون نصيرا للمرأة؟

علاقة "ديمقراطيينا" بعبير تكشف عن علاقة كثير منهم بسياسات بن علي. فقد غطّوا على ما شقّها من تناقض صارخ بين مزايداتها على الورق في موضوع حريّة المرأة والطفل، وقمعه بشدّة لأب هذا الطفل وأمّه وعائلته وجهته لمعارضتهم سياساته التابعة ومظالمه السياسيّة والاجتماعيّة الواسعة.

عبير تعيد نفس اللعبة، وهم ينقادون إليها كما انقادوا من قبل… غير أنّ بن علي لم يفلح في دعاواه النسويّة الكاذبة فكيف تفلح زغراطته وتقود ديمقراطيينا في الموضوع نفسه؟

هناك أكثر من علامة على انكسار الفاشيّة، ولن يكون هذا بعيدا. وسنعرف في علاقتنا بالديمقراطيّة وشروط بنائها (مناصرةً ومحاصرةً) ما عرفناه في علاقتنا بالاستبداد (نطيحًا وطحيناً). وسيكون لبُناة الديمقراطيّة شرف لا يقلّ عن شرف دحر الاستبداد.

بين الأمس واليوم لم يبق من أصداء أصوات البرلمانيين وصخبهم، وهو جزء من مسار بناء الديمقراطيّة البالغ غاياته لا محالة، سوى نداء الفاشيّة:

سامية ما تخرجش…يا سامية مرحلة تاريخيّة…فيني سامية؟؟ وينو خالد؟؟

نداء، ورجاء، واستعطاف…لم تُخْفِ لهجتُه درجة عالية من حميمية يبثّها المنادِي تجاه المُنادَى…مُناَدَي لا يجيب ويتردّد بين الانسحاب والبقاء. هذا ما يبقى في الخاطر ويَعْلق بالذهن ولن يُنسى. ولاخر كلّه حشو..بلّوط…

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات