"اُحشُرُوا بشير...تُحصّنوا الطيب"!

Photo

"فن"ّ طمس القضايا

أحسن وأسهل طريقة للتخلص من ملف قضائي وتوجيهه وتجنب صدور حكم بالإدانة حين تكون الشبهات قوية والتهم جدية هو نزع الملف من المحكمة أو القاضي المتعهد به وإحالته إلى محكمة أخرى أو قاض آخر "مضمون.

عندما أقيمت الحجة على كمال اللطيف في ملف التآمر على أمن الدولة وصدرت في حقه بطاقة جلب وحانت ساعة القبض عليه تم تعطيل إجراءات ضبطه وبسرعة تم استجلاب الملف إلى محكمة تونس 2 حيث وكيل الجمهورية عمر منصور وقاضي التحقيق أنيس ضيف الله...وهناك تم حفظ القضية! وانتهى الموضوع إلى الآن.

بعد مدة وجيزة تم تعيين عمر منصور واليا على أريانة وأنيس ضيف الله واليا على زغوان...ويا لها من صُدف!!

عندما كلّف المجلس الأعلى للقضاء وكيل جمهورية تونس (بشير العكرمي) بالبحث في ملف النقض بدون احالة الذي عُزل بسببه قاضيان والمشتبه في علاقة الرئيس الأول به، وأمام تقدّم الأبحاث وتجمّع مجموعة هامة من القرائن والأدلة ضده وخوف إتمام الأبحاث وانتهائها إلى إثبات الشبهات الموجهة ضده - وفي غياب أجوبة مقنعة عن الاتهام، كان لا بدّ من حلّ جذري يُخرج القضية نهائيا من وكيل الجمهورية المتعهد وإسنادها إلى وكيل جمهورية آخر وربما "مضمون"…

حينها تم الاشتغال فجأة وبقوة وبكثافة إعلامية وسياسية على الأغلبية بمجلس القضاء العدلي وافتكاكها وقلبها لفائدة الشق غير الاستقلالي وتمت إزاحة وكيل الجمهورية بشير العكرمي وتعيين وكيل جمهورية جديد من أولى القرارات التي اتخذها هو توجيه مكتوب سري للمجلس الأعلى للقضاء في التراجع عن طلب رفع الحصانة عن الرئيس الأول!!

...ربما لأجل ذلك بالذات جيئ به، ولأجل ذلك بالذات تمت إزاحة وكيل الجمهورية السابق، ولأجل ذلك يتمّ حشر بشير العكرمي في الملف لإنهائه تماما دون الحاجة إلى تقديم جواب في الأصل أو الرد على الاتهامات خوف جديتها وإحراجها...وقد انطلقت الأبحاث من المجلس الأعلى للقضاء نفسه ورأسا لا من وكيل الجمهورية الذي هو مجرّد منفذ لما طلبه منه المجلس...وقد استند المجلس إلى شبهات حقيقية ومؤيدات لا إلى مجرد تخمينات !!

عدم التطرق إلى أصل الحكاية وجوهر الموضوع وعدم الرد على الاتهامات المتعلقة بملف عزل قاضيين بسبب ملف التهرب الضريبي والجبائي الضخم...هو الخطة أو "الخط التحريري" المتوخّى للحيلولة دون رفع الحصانة وردم الملف...وليس ذلك ممكنا إلا بحشر وكيل الجمهورية السابق بشير العكرمي في الموضوع..."الطريدة" السهلة والشماعة الجاهزة للقصف وللاتهام خاصة وأن له خصوم سياسيون جاهزون سيكونون ضده حتما ولن يلتفتوا إلى أصل الحكاية وعدالة القضية...لتكون كلمة سرّ "غرفة العمليات" القضائية والسياسية والإعلامية:

"اُحشُروا بشير...تُحصّنوا الطيب"!

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات