اللوم بعد القضاء…

Photo

لا يا سيدي، ليس بدعة.. بالعكس يجب أن تُقيم الآن وسريعا الأحزاب المحسوبة على الثورة أكبر مندبة في تاريخ تونس. تجتمع كلها في ساحة القصبة ويلطم بعضها وجوه بعض.. على ما فرّطت من فرصة تكوين حكومة وحدة وطنية حزبية منفتحة ومتضامنة حول مشروع إصلاحي أدنى.

من دون تعويم ولا تبرير.. الجميع ساهم، ولو بأقدار متفاوتة طبعا، في الوصول إلى حكومة يرأسها شخص نكرة ها هو يبصق في وجوه الجميع بتعيين مستشاري بن علي الأكثر فسادا وانحرافا وإجراما في حق المال العام.. وهو يقول لنا جميعا بهذه التعيينات البذيئة: ".... عليكم".

النهضة لم تقرأ نتائج الانتخابات قراءة سياقية جيدة وتمسكت بحق شكلاني صوري في تعيين رئيس الحكومة. وهي تعلم أمرين: ستختلف حول هذا الاختيار داخليا لأن في داخلها من يرى نفسه جديرا بهذا المنصب.. والمقصود هنا عبد اللطيف المكي تحديدا.. والمرفوض من الغنوشي لأسباب هاهي تتوضح أكثر كل يوم.. ممّا أدى إلى تمييع الموضوع والوصول به إلى تصويت مسخرة حول الجملي في مجلس شورى لا يمتلك شروط الحسم في موضوع مصيري يمس الديمقراطية والثورة وحياة الناس.

الأمر الثاني.. تعلم النهضة أن التيار والشعب أساسا لا يمكن أن يشاركا في حكومة ستحسب على النهضة. وهو أمر بديهي طبعا. كيف تختار أنت رئيسا لحكومة ثم تجرني إلى مشاركة ثانوية في حكومتك. كان عليها أن تحترمهما أكثر وتشركهما في اختيار رئيس الحكومة (نفس الخطأ ارتكبته مع تعيين الجبالي قبل أي مفاوضات مع الشركاء قبل أن يتبين لها أنه عديم الكفاءة.. جدا).

التيار والشعب بدورهما دخلا في تفاوض تعجيزي وغير مسؤول.. التيار تهرُّبا من حكم لم يتوقعه ولم يتهيّأ له. والشعب دفعا نحو "حكومة الرئيس" حتى لا تحسب عليه مشاركة مباشرة للحكم مع النهضة. لم يتوقع التيار أن النهضة ستوافق مضطرة على كل مطالبه تقريبا.. فرفض المشاركة من دون سبب.. وكان الأجدر أن لا يضيع على التونسيين كل ذلك الوقت.. ثم كرر ما يشبه ذلك مع حكومة الفخفاخ حين تمسك بها عبثا بعد لحظة الانكشاف الكلي.

كل مسار تشكيل حكومة الجملي ثم سقوطها كان طفولة سياسية مخزية للجميع.

وكل مسار حكومة الفخفاخ.. اختياره.. التعامل مع فضيحته.. تسرع النهضة في التخلي عنه لصالح اتفاق سياسي مع قلب تونس.. مقابل إطالة عمر حكومته من طرف التيار وانخراطه في معركة سحب الثقة من رئيس البرلمان.. والتحيل الرئاسي في موضوع استقالة الفخفاخ الوهمية... وصولا إلى التشكيل المسرحي للحكومة الحالية وتشابه الأسماء واجتماع "العزاء الأخير " في القصر.

وها نحن أولاء نتابع أداء حكومة أشباح بذيئة.. لا أحد يعلم العقل الذي يقودها. ومن خلال تعيينات رئيسها الأخيرة يبدو أنها تحت تأثير حالة "انحراف نرجسي" نتج عن تفاعل كيماوي سرّي بين شقيها، شق الرئاسة وشق الإدارة.

وأمام حالة العجز التي بلغتها الأحزاب الآن أمام حكومة الأشباح… حالة خزي سارت نحوها بنفسها وبتصميم غبي.. نطالبها بتنظيم طقس تطهّري جماعي علني، تندب فيه حظها وحظنا.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات