نحسم خلافاتنا بالصندوق وليس على ظهور الدبابات

Photo

مهما كانت نتيجة سحب الثقة من رئيس البرلمان غدا، فالأهم أن تُستثمر لصالح البلد ولا تؤزم الوضع أكثر.. لا يهمّ أن يبقى الغنوشي أو لا يبقى، ما يهمّ أن تندفع الكتل، بعد مرحلة إعلان النتيجة بغض النظر عن مضمونها، إلى الانكباب على ملف تكوين الحكومة والقيام بالتوافقات اللازمة فيما بينها وبالتنازلات المطلوبة من كل طرف.

إن سُحبت الثقة من الغنوشي، فقد تكون فرصة لإعادة ترتيب الأوراق وكأنها مرحلة ما بعد انتخابات: مسار برلماني وآخر حكومي، بتلازم المسارين، وكي تنبع أغلبية واضحة تدعم الحكومة وتقود البرلمان.. وقد يؤدي التفاوض الجديد لإعادة انتخاب الغنوشي مجددًا على رأس البرلمان ولكن على قاعدة أمتن من الانتخاب الأول وبعد استخلاص عبر ما فات.. والسحب إن حصل ربما قد ييسّر مسار الانتقال داخل النهضة في مؤتمر نهاية العام، وكي لا تكون رئاسة البرلمان حجّة لتغيير النظام الداخلي والتمديد في رئاسة الحزب، وما يهم النهضة داخلها يهم البلاد في عمقها.

وإن لم تُسحب الثقة من الغنوشي، فقد تكون عبرة للنهضة لإعادة ترتيب حساباتها والتدقيق في التوازنات النيابية وحركيتها بعيدا عن الهروب إلى الأمام والمغالبة والتخويف بعبير موسي.. وقد يؤدي عدم سحب أيضا لإعادة تقدير للموقف بحفاظ الحزب على رئاسة البرلمان بعد تجاوز "الغصرة" مقابل تقديم التنازلات اللازمة في الشق الحكومي استجابة لمطالب بعض الكتل بهدف تأمين قاعدة صلبة للتحالف الحكومي، وإن كانت التضحيات في زمن التوافق، فلتكن تضحيات في زمن الإنقاذ اليوم.

بالنهاية، جلسة التصويت على سحب الثقة من رئيس البرلمان يجب أن تظل، تعبيرا جديدا عن حيوية الديمقراطية التونسية والاحتكام للحسم بالآليات القانونية، لا يهم من يرأس البرلمان، لكن الأهم أن تنتصر الديمقراطية.

ومهما كانت النتيجة مجددا، يجب أن تعلم القنوات العربية خاصة تلك الممولة من الإمارات والسعودية أننا نحسم خلافاتنا بالصندوق وليس على ظهور الدبابات.. وأن التصويت على سحب الثقة ليس استهدافا لطرف سياسي في وجوده، بل تفعيلا لأدوات العملية الديمقراطية في برلمان ديمقراطي والعقل السياسي الجمعي في البلاد يميّز بين المعارك الشرعية في إطار الديمقراطية ومخططات التخريب بقيادة موسي وداعميها في الخارج..

ومن شاء التوظيف، فليوظّف بحكم ما تضمنه هذه الديمقراطية نفسها، ولكن فليعلم أيضا أن للديمقراطية أنياب وحوافر، ولدينا من الضمانات ما يجعلنا مطمئنين أن محاولات التخريب المستمرة منذ سنوات مآلها الفشل كالعادة.. وإن تبقى اليقظة مطلوبة دائما.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات