مقالب الجوادي مع والدته: القناع المخيف

Photo

كنت أدرس زمنها بدار المعلمين العليا بسوسة، ولم أعد أذكر كيف وقع في يدي قناع تنكري مخيف استغللته أبشع استغلال في بث الرعب والفزع في قلوب العديد من "النرماليين" الذين كان يتكفل صديقي ثامر الغزي باستدعائهم إلى غرفتي، في حين أكون أنا قد تدثرت ب"ملحفة الفراش البيضاء" ووضعت القناع المرعب المخيف، لأهب في وجوههم بمجرد اقترابهم من فراشي!! ولا تسلْ عن حالة الرعب الهستيري التي تحصل لهم، غفر الله لي ولثامر الغزي!

ولست أدري أي شيطان وسوس لي أن أعود بهذا القناع إلى منزل العائلة أثناء عطلة الربيع!

كان من عادة الوالدة رحمها الله أن توقظني باكرا لأتناول معها القهوة وندردش سويا بمجرد انتهائها من صلاة الفجر، وكانت هذه العادة بالذات تزعجني كثيرا وتغيظني إلى حد الثورة، ولم تفلح كل توسلاتي و لا إلحاحي وغضبي أن تثنيها عن هذا السلوك، أنا الذي أعشق النوم إلى الضحى، باعتبار أنني مولع بالمطالعة والكتابة إلى وقت متأخر من الليل..

وقررت أمرا..

قبيل صلاة الفجر وضعت القناع المخيف، وغطيت رأسي بالبطانية تماما، وتمددت على الفراش بطريقة توحي أن مكروها حصل لي!!

طرقت الوالدة الباب طرقات خفيفة فلم أرد.. أعادت طرق الباب فلم أجبها، فتحت باب الغرفة وأشعلت الأضواء: ونادتني بصوت خافت: القهوة حضرت قُومْ!

ولما لم تسمع جوابا ولم يبدر مني مايدل أني على قيد الحياة، سارعت إلى إزاحة الغطاء: فكانت المفاجأة التي كادت تودي بها!!

بمجرد أن أزاحت عن وجهي الغطاء، نهضتُ صارخا:أممممممممي!!

صرختْ رحمها الله صرخة أقرب للعواء، وسقطت مغشيا عليها!

عندها فقط أدركت مدى حماقتي، ومدى "تهوري" وعدم تقديري للعواقب!

هرع الوالد إلى الغرفة على صراخ الوالدة وتبعه إخوتي، وحاولنا جهدنا وبكل الوسائل المتاحة أن نعيدها للوعي، ولكن دون جدوى!! بل إننا في لحظة ما اعتقدنا أنها فارقت الحياة! ولا يسأل أحد عن مشاعر الهلع وعذاب الضمير والخوف التي كانت تمزقني تمزيقا!!

المهم: عادت الوالدة للوعي بعد ذلك، وروتْ ما فعلته بها، وقررتْ وجميع أفراد العائلة اعتباري: persona non grata

وطلب مني الوالد مغادرة المنزل وعدم العودة أبدا، مقسما بأنه "سيفشخ رأسي" بفأس لو عدت يوما ما!

ولكني عدت في عطلة الصيف، ومع أنني حاولت الاعتذار للوالدة عن هذه الحماقة عشرات المرات، لكنني متأكد أنها رحلت دون أن تغفرها لي..

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات