' على موت على حياة ' : وصية سياسية تونسية قصيرة في زمن وباء كورونا !

Photo

١- تونس تعيش بين نزعات تقليدية من الثورية المضادة الدستورية والثورية المحافظة الاسلامية والثورية المشوهة اليسارية والقومية وبين نزعة جديدة هي الثورية العفوية التي تعبر عنها الان رغم اختلافها شعارات ائتلاف الكرامة وكذلك ما يمكن أن نسميه النزعة القيسية عند أنصار الرئيس.

٢- ومع الاسف الخاسر الاكبر هو مشروع الاصلاح الجذري باتجاه الدولة الوطنية الاجتماعية الديمقراطية. هذا المشروع، في ظل عدم وجود قوة وطنية اجتماعية ديمقراطية وازنة، لا يمكنه أن ينجح الآن تحديدا إلا بتسوية تاريخية لا ترتقي إليها مع الأسف التسويات السياسية والحكومية الحالية.

٣- اعتقد اننا نضيع على تونس الجهد والوقت والامكانيات والبشر والعلاقات والفرص منذ ٢٠١١ بسبب عنادنا العبثي المتبادل في فهم التاريخ العالمي والتونسي مسنودا بتحريض دولي لبعض قوانا السياسية.

٤- وإذا ارادت الأجيال الحالية من النخبة السياسية ترك شيء إيجابي سيكتب في سجل التاريخ فعلى كل واحد من تياراتها الأساسية إرغام أجنحتها المتحنطة والمتشنجة على التقاعد والشروع في إعادة التفكير في المشروع الوطني بروحية وعقلية ومسلكية جديدة تجترح تسوية وطنية اجتماعية ديمقراطية.

٥- نحن لم نفعل ببعضنا ما فعله غيرنا بأنفسهم. لم نعرف لا التمييز العنصري ولا الحرب الأهلية ولا الفاشية ولا الدكتاتورية العسكرية ولا الدكتاتورية الدينية ...حتى تصعب المحاسبة والمصالحة ...لو وجدت إرادة سياسية. وعلى الأجنحة غير المتحنطة وغير المتشنجة ان تحسم الأمر بتنظيم الوحدة والاختلاف والا فستقودنا الأجنحة الأخرى إلى الخراب.

٦- نحن لسنا في حاجة الآن ولا غدا لا إلى التراجع عن الثورة ولا إلى الذهاب بها إلى أقصى اليمين أو الى أقصى اليسار ولا إلى القفز بها في الهواء ضد كل ما راكمته في مواصلة / قطيعة مع مكتسبات الدولة الوطنية.

٧ - ان ابسط تحليل واقعي لإمكانياتنا ولمحيطنا الإقليمي وللعالم يسمح بالاستنتاج كوننا لو عبرنا الآن بالدولة وبالثورة نحو نموذج وطني اجتماعي ديمقراطي معتدل يتخطى التبعية المفرطة والعنف الاهلي والافلاس الاقتصادي فسنكون حققنا ما يشبه المعجزة في المنطقة في عالم اليوم. اما إذا بقينا مهووسين بأفكارنا لا نرى غيرها ولا نعيش إلا في شرنقتها النظرية فإننا قد نسير، وبتسريع من كورونا، إلى المزيد من التبعية والفقر والاجرام …مما سيحملنا الى الهاوية وقريبا جدا.

سيقول البعض كالعادة: هذه سفينة نوح وسطية غير ثورية والخ. واجابتي هي: لا ونعم!

لا، لان إرسال الأجنحة التقليدية المتحنطة والمتشنجة من الدستوريين والاسلاميين والقوميين واليساريين وغيرهم إلى التقاعد يتطلب صراعا ولأن البحث عن توافق تاريخي بين باقي الأجنحة لن ينهي الصراع.

ونعم، لأنها طريق إصلاحية ولكن جذرية ' اشتراكية ديمقراطية ' - و 'غير ثورية' - إلى الجمهورية الوطنية الاجتماعية الديمقراطية إذ لعلمكم …لم تعرف اروبا الاسكندنافية ثورتها الفرنسية كي تصل إلى الإشتراكية الديمقراطية!

وحتى لا تكون وصية جافة وجدية كثيرا حدّ ' الجنائزية ' وخطر الموت يحيط فعلا من الجهات الستّ اقول لمن سيعتبر هذا خيانة إصلاحية اشتراكية ديمقراطية، مازحا وبالعامية:

يا سيدي او يا للّة غير حولّي تونس لسويد أو فنلندا عربية ومن بعد كي يمشي معاك الشعب في ثورة قومية والا إسلامية والا شيوعية والا غيرها بصحّتك وصدقني وقتها نقلك:

' غير كون صيد وكولني!'.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات