المرسى ليست " ترابا "على ملك رئيس بلدية المرسى

Photo

إن توصيف وضعيات المناطق الصحية في علاقة بفيروس كورونا هو من صلاحيات الأطباء المختصين الذين يمثلون السلطة الصحية في البلاد وليس لرئيس البلدية أن يتدخل في ذلك التوصيف بمناقشته أو برفضه.

لأن التوصيف الوبائي تترتب عليه إجراءات ضمن الخطة الصحية للتوقي من السريان المكثف للعدوى الذي يمكن أن يؤدي إلى انهيار المنظومة الصحية وتتبعها في ذلك المنظومة الاجتماعية عندما تصبح الاحتياجات العاجلة الى التدخل الطبي والاجتماعي بإعداد لا يمكن أبدا مواجهتها وتلبيتها.

صدمت يوم أمس لما شاهدت رد الفعل المتشنج لرئيس بلدية المرسى معز بوراوي على قناة التاسعة ردا على تصريح الدكتور شكري حمودة مدير الرعاية الصحية الاساسية بوزارة الصحة بأن جهة المرسى والبحيرة وسكرة بؤر وبائية طبق التوصيف الطبي العلمي لأي مناطق وجدت فيها العدوى الأفقية بتشخيص أشخاص مصابين لم يقع التعرف على مصدر إصابتهم علما وأن هذا التصنيف قد أعلن كذلك بخصوص جزيرة جربة وهو ما اكدته أيضا نصاف بن علية مديرة المرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة.

السيد رئيس بلدية المرسى وهو مسؤول بلدي يتبنى خطابا عنصريا حين يؤكد على أن الحالات المعنية بالإصابة لا يوجد من بينها إلا شخص واحد من متساكني المرسى وهذه معاينة لا يمكن أن تصدر إلا عن وزارة الصحة باعتبارها الجهة المسؤولة عن بلاغات بهذا الصدد ويكفي أن يكون هذا الشخص لم يلتزم بالحجر الصحي الذاتي ليكون تسبب في حالة عدوى أفقية في المرسى والمناطق المجاورة علما وان العديد من متساكني هذه الضواحي للعاصمة مثل متساكني باقي جهات الجمهورية قد رجعوا من الخارج حتى قبل اتخاذ إجراءات العزل الذاتي.

يتحدث السيد رئيس البلدية وكأن المرض صار وصما أو كأن المرضى ليسوا ضحايا في إشارة منه إلى عدد من التونسيين القادمين من الخارج تم إخضاعهم للعزل الصحي الوجوبي بأحد مراكز الرعاية الاجتماعية بقمرت. ويبدو أنه وصفهم بالبضاعة في إشارة إلى إيداعهم بالمركز.

يتجاهل السيد رئيس البلدية أن مركز الرعاية الاجتماعية هو منشأة عمومية من حق الدولة التصرف فيها في حالات الخطر الداهم كالحالة الوبائية التي يمر بها العالم. وإن التأخر في إعلامه هو شخصيا على فرض أنه إخلال من السلطة المركزية قد يجد مبرراته في وضعية الإرتباك التي فرضها الامر الواقع وعدم سبق التعامل مع مثل هذه الجائحة بما يقضي مركزة القرار وسرعة التحرك. لا يبرر في كل الحالات تصريحات ذات الشحنة العنصرية والفئوية.

والأخطر من ذلك هو التعبير الغريب الذي يستعمله السيد بوراوي حين يصف بلدية المرسى ب «ترابنا».. لا يا سيد رئيس البلدية المرسى ليست ملكا لك. هي جزء من اقليم الدولة وملك للدولة التونسية ولشعبها. وإن الأسلوب الخطأ الذي يرمي إلى التغطية والتعتيم لا يخدم متساكني المرسى ولا البحيرة و لا سكرة من أبناء وبنات تونس لأن تحديد مناطقهم صحيا من قبل السلط المختصة طبق المعطيات الموضوعية التي تمدنا بها يوميا كل من الدكتورة نصاف بن علية والدكتور شكري حمودة في نطاق الشفافية التامة هي التي تخول المرور إلى مرحلة التقصي النشيط بهذه الجهات بعد عزلها للتعرف على العدد الحقيقي للمصابين وعلاجهم وكي لا تسري العدوى بين أعداد أكبر من متساكني هذه الجهات ثم في كامل البلاد فتنهار كل المنظومات لا قدر الله و «تولي الأرواح» ….. «والطايح اكثر من الواقف ».

أسوأ ما في الأوبئة هو ما تفرزه من سلوكات وأقوال غريبة.

أشير أنه في فرنسا لما أعلنت منطقة الواز كأول بؤرة foyerوبائية طبق المعايير الوبائية الطبية لم يخرج أي مسؤول محلي لمناقشة أو لرفض ذلك.ونحن نعلم أن فرنسا ارتكبت أخطاء فادحة بعدم إعطاء الأولوية لتقديرات أهل الذكر في هذه الأزمات وهم الأطباء أصحاب السلط الصحية في القرار منذ البداية هل يريد السيد رئيس بلدية المرسى أن نصل إلى ما وصلت إليه إسبانيا نتيجة التستر على حقيقة الأوضاع الصحية وانهيار المنظومة الصحة والرعاية ؟ فقد فتح المدعي العام اليوم الثلاثاء 24 مارس 2020 تحقيقا بعد العثور على عشرات الجثث لمسنين متوفين بدورالمسنين أمام صدمة وذهول المجتمع الاسباني .

تحية تقدير وإجلال للدكتور شكري حمودة وللدكتورة نصاف بن علية. حفظ الله كل التونسيين في المرسى والبحيرو وسكرة وجربة وفي كل شبر من تونس. حذار من النعرات الطبقية والجهوية زمن الكورونا. ولا يزال للهايكا دور تلعبه في الرقابة على الخطاب الإعلامي غير المسؤول.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات