المشكل أو الأزمة بالأساس أخلاقية وليست وليدة العشرية الأخيرة. منذ الثمانينات عملت عديد السياسات لقطع سبل تنمية القيم. إذ كانت عديد الهياكل والجمعيات تعمل على تربية النشئ بإمكانيات مادية محدودة جدا بحب وتفاني ورعاية على غرار الكشافة والجمعيات الرياضية ونوادي العلم والمسرح والموسيقى وغيرها وذلك قبل تدجينها وحرمان المستعصية منها من المنح وحتى المضايقة بتعلة الإنفلاة السياسي والأمني.
كما دمرت سبل تنمية القيم بالمدارس بدعوى الحداثة والقضاء على الرجعية بل لتغيير النمط المجتمعي كما أراده العقوقيين وبعض اليساريين. إذ كرس ذلك المحسوبية والطبقية والمادوية وضرب الحس المجتمعي وتفشت ظواهر الزطلة والعنف والإنقاع المبكر ورغبة الحرقة.
كما صرخت عديد المساجد لتصفية الحسابات السياسية وهي التي كانت تساهم ولو بقدر في تنمية المنسوب الأخلاقي وقيم ديننا السمحاء.
كما أطلق عنان وسائل الإعلام لخدمة الحاكم وزبانيته والإثارة ودعم الفرقة والعنف وعقلية الكسب السريع. وصخرت عديد المواقع الإدارية والشرطة والقضاء للقمع وخدمة الحاكم ومسايرة الأوضاع وغاب التقييم الدوري النزيه والمحاسبة والإستشراف والحوكمة الرشيدة وتفشت آفات الرشوة والفساد بكل أنواعه وإنعكست القيم.
وساهمت النخب والمثقفين وعديد المحظوظين بطريقة أو بأخرى في تأزم القيم إما بالصمت أو التزكية أو الإنتهازية.
وتبقى مراجعة المنظومة التعليمية والتربوية من الأولويات المطلقة وبطريقة جذرية. ولنا عديد التجارب في العالم للإقتداء بها. ففي البلدان السكندنافية بنيت المنظومة المدرسة على سعادة الطفل وفي بعض بلدان التنين الآسيوي يعمل الكل على تنمية الذكاء والانضباط والحس الوطني.
كما يبقى البناء الشامل المجتمعي والإدماج من أولويات التنمية البشرية المستدامة.