الناس في 2019 صوتوا بالتنسيب و تجاوزوا الفساطيط المغلقة ..

Photo

اصدقاؤنا المتحزبون يتصورون اننا حين ندعو الى تسويات و التقاءات كبيرة من اجل الوطن على مشروع وطني كبير فنحن مشغولون بمصائرهم او بمصائر احزابهم حبا او مجرد عواطف شعرية من اجل " بوس خوك " …

ابدا يا حلوين ...مشاعرنا تجاه الاحزاب و المتحزبين عموما باردة محايدة ...هي لا حب و لا كره ...اصلا ..المشتغلون بالشأن العام عندنا هي كائنات خطرة تكون العلاقة معهم هي الحذر و متابعتهم للحد قدر الامكان من حماقاتهم على الوطن كما نتابع قارورة غاز سيئة التركيب في بيت يسكنه احبة .

ما يهمنا و نحن ننقد و نتابع و نقترح و ندفع للحلول هو خوفنا على وطن لا نملك غيره ...المتحزبون اوطانهم احزابهم و نحن لا وطن لنا إلا وطننا ...اذا احترق و تألم لم نجد وطنا غيره اما المتحزبون فيجدون عند ضياع الاوطان احزابهم و جماعاتهم و طوائفهم بها يحتمون و ينشئون منها ميليشيات تحميهم و فضاءات يعيشون داخلها و من خلالها ينسجون صداقات و ملاجئ توفر لهم اوطانا بديلة …

حين تروننا و نحن ندور الزوايا و نبحث بينكم عن المشتركات الممكنة لإدارة الوطن فنحن لا نبحث إلا على كبح جنونكم حتى لا يعبث بوطننا و لا يصيبنا شرر احترابكم …نحن لا نحبكم و لا نكرهكم نحن نخافكم على وطننا و لهذا نهتم بكم و بصراعاتكم و نبدي فيها اراءنا و نساهم في تبريدها حتى لا تكون وبالا علينا …انتم لستم مشاريع مهمة للحب او الكره ….انتم الغام نتعامل معها حتى لا تنفجر في وجوهنا …

مش انهم ما يعرفوش ان كل حقيقة هي نسبية ..هم يعرفون ذلك ..في قرارة انفسهم مقتنعون و يستمعون الى كلامك كاملا وهو يقلب الحقيقة على جميع وجوهها و يقول جميع جوانب الفكرة حتى يقترب حكمك الى اقصى درجات الموضوعية …

هم يعرفون و يفهمون و يقتنعون …لكنهم …كلهم …كل اتباع و قيادات الجبهات المتقابلة يتمعشون و لا يستطيعون الاستمرار إلا في ظل سيادة الفكرة و الفكرة المضادة تماما لها … كل تنسيب منك يربكهم و يربك اتباعهم …هم لا يستمرون إلا بتحول الافكار الى عقائد مطلقة …افكارهم صحيحة كلها و افكار خصومهم خطأ كلها …هم الحقيقة و غيرهم الغلط …هكذا يعبؤون و يحفظون اتباعهم و وحدة جماعاتهم / طوائفهم …

حين تنسب و تقلب الحقائق على وجوهها انت تكسر اقانيمهم …لذلك يقتطعون من كلامك قسما و يحجبون الاخر ..ليصبح تنسيبك مجرد تناقض و يصبح جهدك من اجل الموضوعية مجرد قلة وضوح لانك لا تريد الاصطفاف …و يصبح موقفهم منك …كلهم …موقف الحذر ..لا عداء مطلق و لا قبول مطلق …ايه انت باهي لكنك لا ترقص مع هذا او ذاك في تخميرته …اذن انت باهي و لكن …اللكن هي بالضبط ما اصابه من احباط حين تنسب فكرته …انت تربكه …هو يريد ان تظهر فكرته حقيقة مطلقة حتى يحفظ اتباعه …

كلهم يريدونك في فسطاط عقيدته المطلقة و إلا فأنت " اوكي و لكن " ….الناس في 2019 صوتوا بالتنسيب و تجاوزوا الفساطيط المغلقة ..لذلك ينحاز الناس للتنسيب اما هم فيضيقون به …هذا هو ما يسمى بالجديد …جديد عليهم لم يستوعبوه و يرتبكون امامه لانهم مرتاحون للفرز القديم الذي بنوا عليه كياناتهم …المسألة خيار وجودي.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات