أحمد نجيب الشابي… يُقزّم نفسه

Photo

لعلّ التساؤل يُطرح عند الحديث عن "الوطنية" التي تسطّح مفهومُها لدى رمز من رموز المعارضة. فعندما يَعتبرُ أحمد نجيب الشابي أن الرئيس المخلوع كان وطنيا، فكانّهُ يُقزّم نفسه ولا يعبأُ بتداعيات هذا الاسقاط المبتور لمفهوم الوطنية على الواقع.

فخيانة الوطن ليست أحادية المآل ولا تُختزل في التواطؤ مع الخارج ضد مصلحة الوطن. الوطنية هي تلك العلاقة المتعددة الابعاد بين المواطن من جهة والوطن بمؤسّساته وتاريخه وثقافته وهويته ورهاناته من جهة أخرى.

فهذا جزء من ذاك والاّ استعبده وابتزّه. كيف يكون الفردُ وطنيا وهو يأخذ من الوطن بدون أن يعطيه؟ قرأت البعض من شخصية "روبنسون كروزوياي" وهو الذي وجد نفسه في جزيرة غير متحضرة واستطاع ان يتأقلم مع محيطها الخشن.

ومن خلال سيرة هذه الشخصية، ناقش بعضُ العلماء في مجال المناهج والأنثروبولوجيا وكذلك النّظم المقارنة إمكانية الاستمرار للتشكيلات الاقتصادية والاجتماعية حتى ولو كانت الظروف المنشئية مُنعدمةً.

فقد ذهب بعضُهم الى القطيعة بين هذه التشكيلات الاقتصادية والاجتماعية، ونفوْا بالتالي تواصلية الحركة التراكمية للتاريخ والتقدّم الحتمي للمجتمعات، ورفضوا مفهوم "المرحلة الانتقالية" متحدثين عن "ولادة" أو "تفريخ" مما يذكرنا بـ" ولادة العهد الجديد" و" فجر السابع من نوفمبر"، فيها اعتبر البعضُ الاخرُ الرصيدَ الذي أتى به كروزوياي من منشئه واعتبروا ضرورة المرحلة الانتقالية.

لكنّ الحديث عن وطنية روبنسون كروزوياي لم تُطرح ولا يمكن أن تُطرح ولم تكن في مُخيّلة هذا "البطل" الذي جاءت به السّماء، لأنه لم يبنِهِ ولم يؤاثره على نفسه، بل أخذ منه كل شيء ليعيش بدون أن يعطيه شيئا لأنّه ليس جزءً منه....

فمجال الوطنية شاسع. فيه مثلا نكران الذات مثل الام التي تفني حياتها خدمةّ لأبنائها ولا تطلب مقابلاً لأنهم جزءٌ منها. فيه الذود عن حرمة أبناء الوطن، لأن بدنوهم انعدام للأوطان. فيه تحمّل مسؤولية الحفاظ على مقدرات البلاد، لأنّ تبديدها لفائدة المصالح الشخصية انتهاكٌ للوطن. فيه أخيرا صدق الفعل خدمةً لمصالح الوطن وتجرّدا من الأيديولوجيات البائدة…

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات