حركة النهضة وفوبيا "اليسار الإستئصالي"

Photo

كثيرا ما ننتقد خيارات حركة النهضة التوافقية، ونغضب لارتماء قياداتها بين أحضان الدساترة (الباجي)، وأغلبنا استاء من الرسالة التي وجّهها منذ أيّام أبو يعرب المرزوقي للباجي مكيلا له المدح والتمجيد ولعلّه أراد فقط لفت نظر الباجي (قايد الدساترة) إلى الخطورة التي يمثّلها اليسار الإستئصالي (البكّوش ومرزوق...) على التمشّي التوافقي وعلى مظاهر المصالحة بين الإسلاميين والدساترة.

لعلّ قيادات حركة النهضة تتحرّك انطلاقا من وقائع تاريخية مارست فيها النخب السياسية والفكرية اليسارية الإقصاء على الإسلاميين، ولعلّ أغلب قواعد الحركة والقريبين منها كانوا ذات سنوات جمر ضحايا لممارسات اليسار المشحونة بالأيديولوجية وخاصة في الجامعة التونسية حيث وقع إقصاء عدد من الطلبة الإسلاميين ومنعهم من مواصلة تعليمهم العالي أو تقديم أطروحاتهم أو المشاركة في البحث العلمي. كما مُنع كلّ من له نفس إسلامي من تقلّد أي مسؤولية داخل مؤسّسات الدولة ولم يُسمح لهم بالدخول إلى الوظيفة العمومية في مرحلة كانت فيها رموز اليسار تتقلّد مراكز صناعة القرار داخل الجامعة التونسية وداخل لجان التفكير للتجمّع المُنحلّ.

مارست فوبيا "اليسار الإستئصالي" الضغط على خطاب قواعد حركة النهضة ومثّلت إحدى الإكراهات الواقعية لأدائهم السياسي ولعلّها كانت مُحرّكا رئيسا لخيارات قيادات الحركة في التحالف مع النداء والتصالح مع رموز الفساد النوفمبري. لكن هل يستحقّ اليسار التونسي في جزئه المريض ب"الإسلامافوبيا" أن يأخذ كلّ هذا الحيّز من الاهتمام والتفكير؟

حين ننظر للواقع بموضوعية وننزع نظّارات الأيديولوجيا سنكتشف حجم "السراب" الذي أوهمتنا صحراء السياسة القاحلة أنّه مُستنقعات تُعشّش بداخلها كيانات سبق وأن وجعتنا لسعتها.

هذا اليسار المريض أصبح مُنحسرا في حفنة من psychopathes كشفت ثورة "البرويطة" وجوههم الحقيقية، هم يمارسون السياسة الموازية واللاّنظامية يتجوّلون في جميع الأسواق (الترويكا والتجمّع والنداء والجبهة الشعبية...) ويُصفّقون لمن يُقايضهم سلعة "الكفاءة الواهمة" بامتيازات ومصالح ومنافع ربحية. كشف اعتصام باردو إلى أي مدى يُمكن لهؤلاء الذين أطلقوا على أنفسهم صفة "نخب مُثقفة" أن ينحدر سقف وطنيتهم وإلى أي قاع يهوون. وكشفت انتخابات 2014 التشريعية والرئاسية أنهم ليسوا سوى "قطّاع طرق" يتقنون القيام بدور "التياسة". وكشفت التعيينات في حكومة النداء عمق الخيبة ووهم الكفاءة وارتفاع منسوب الغباء لدى من يحسب أنّ "اليسار" في تونس "يسار". هم فقط يجلسون على شمال النهضة فإن جلست يسارا تحوّلوا يمينا وإن انتقلت يمينا جلسوا شمالا.

تخلّصوا من فوبيا "اليسار الإستئصالي" وكفّوا من التوحويح والنفخ في الكيانات الميتة فأنتم تنفخون في "الياغورت" متوهّمين أنّكم تنفخون في"الشُربة السخونة".

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات