معركة الصّدور العارية

Photo

معركة الصّدور العارية، هذه الأيّام، كمعركة التحجّب سابقا .. معارك وهميّة

فليتعرّ من يشاء وليتحجّب من يشاء.. شو دخلنا احنا؟

المعارك الوهميّة تحتدّ دائما حين يستيقظ الوعي الجماعيّ على حقائق كثيرة.. حين يقوى الإدراك باللّوبيات التي تأبى انصرافا من أرضنا ومن ملحنا ومن جرحنا.. حين تفتح العيون بعد صدمة الموت الدّامي على السّقوط الإعلاميّ المدوّي لبعض القنوات في حديث الشّيء المعتاد.. وفي التزييف وال

المعارك الوهميّة التّي تزعّمها سابقا وخاصّة بعد الثّورة " مثقّفون " وسياسيّون " و " فنّانون " ارتعدت فرائصهم من غزوات " الظّلاميين والمتطرّفين " فقاوموهم بتطرّف مضادّ: سينما تقتل الإله على الطّريقة النّيتشويّة أو تتعرّى لـ " تحرير الجسد " على طريقة ويليام رايش الذّي يرى تحرّر المجتمع في تحرّره الجنسي أوّلا، وسرديّات مسقطة تصدر عن عقول تشرّبت ثقافة واحدة تعتبرها الأرقى في ضرب من الاستلاب فوقعت في هاوية الفكر الأحادي.. ودعوات إلى إقصاء المختلف وإلى تهجير المغاير والإلقاء به في البحر أو إعادته من حيث أتى.. خوفا على " حرّيات " ومكتسبات أنتجت أجيالا مهدورة..

قاوموا جيلا مهدورا بمزيد هدره.. فتاهت ، وسط هموم النّخبة الخاصّة ومخاوفها على أطروحاتها التي تحنّطت، مطالب الشّباب العامّة بالشّغل والحياة أوّلا وصار جيلا مفتوحا على كلّ احتمالات " التّدعوش ".. وكان ما كان من انحرافات وانزلاقات عن المسار لم تتوقّف إلى يومنا هذا.. بل تحرّك بحيرتها السّاكنة كلّ مرّة حجرات النّخبة لتذكّر أنّ الخطر كلّ الخطر إنّما هو على " حداثة " يجب تحصينها من الغزاة.. دون إدراك أنّ ما يسمّونها " الحداثة " نفسها كما مورست فترة الدّولة البوليسيّة ونهب المال العام وغياب العدالة الاجتماعيّة والتّعليم المحكوم بقانون السّوق هي من أنتجت من رحمها البغاة.. " حداثة " بوليسيّة لصوصيّة فقّرت وجوّعت وهدرت كرامة البشر وتركته للرّيح تتلقّفه يد البغاة لتحوّله فجأة إلى انتحاريّ بحزام ناسف أو وحش قاطع للرّؤوس..

معركة الصّدور العارية ليست معركتنا.. فلتتعرّى من تشاء ولتتحجّب من تشاء..

معركتنا هي كيف نحصّن شبابا يهرول نحو الموت ويركض نحو وعود واهمة بالجنّة وبالحور الكاعبات بعد أن يئس من وعود الحياة: وعود السّياسيين الانتخابيّة وآلاف مواطن الشّغل الوهميّة ومئات الاستثمارات وحزب الأربعة حكومات وعشرات الكفاءات..

ومعركتنا كيف نحصّن عقول أبنائنا من خطاب وثوقيّ دغمائيّ جارف عبر تعليم حقيقيّ يكسب التّلميذ ملكة النّقد ويحمله على كسر الأصنام والاجتراء على التّفكير بمفرده دون واسطة وعلى مقاومة إغراءات عالم غريب سرياليّ يحكم باسم الله فيفتنه ويخلب لبّه فيهرع إليه فاقدا الصّواب..

معاركنا المال الفاسد في علاقته بالإرهاب والتّهريب.. هي معركة الحقيقة العارية لا الصّدور العارية..

ومعركتنا كيف نقاوم الموت ونحبّ الحياة.. حتّى ونحن نموت.. فنرسم للآتي سبل الخلاص ونفتح أفقا جديدا للأجيال القادمة من أجل حياة كالحياة.. لا كالموت..

معركتنا ألّا نيأس نحن الكهول لأنّ يأسنا يمرّ كالعدوى.. كالوباء.. إلى الأجيال اللّاحقة فتنشأ على رؤية مظلمة للمستقبل.. وتصبح لها جرّاء ضعف مناعة الأمل لديها قابليّة هائلة للانسياق وراء خطاب " الموت المقدّس "..

معركة الصّدور العاريه هي معركتهم.. هي الحداثة كما فهموها لا كما نفهمها..

فللعراء جماليّته التي تجعله بمنأى عن الاستعراض المشهديّ الفظّ للجسد الذّي قد يصبح جرّاء المبالغة إلى لحم ملقى على الرّصيف كأيّ سلعة ممجوجة..

وللتحجّب جماليّته التّي تجعله بمنأى أيضا عن الاستعراض الفظّ الذّي قد يصبح أيضا جرّاء المبالغة في الحجب إلى كتلة مثيرة للغرابة وإلى سلعة ممجوجة أيضا..

معاركهم ليست معاركنا..

معركتنا الإنسان كيف يرتوي بالوجود ويمتلئ بالفرح: الإنسان الجسد والفكر والرّوح.

ومعركتهم الجسد كيف يستعرض إثارته الخاوية أمام كاميرا فنّ تزوير الوعي..

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات