الائتلاف المدني ينسحب من "الندوة الوطنية لدراسة مخرجات الحوار الوطني حول إصلاح المنظومة التربوية"

Photo

تونس في 17-11-2015

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان

مرت اليوم ستة أشهر بالتمام والكمال على تأسيس الائتلاف المدني لإصلاح المنظومة التربوية يوم 17 ماي 2015، لمقاومة الإقصاء الممنهج الذي تعرض له أغلب الطيف والتربوي والمدني من المشاركة في وضع أسس مسار الإصلاح التربوي السليم. ونحن في هذا اليوم 17 نوفمبر 2015، بعد أن أبدينا استعدادا للمشاركة الإيجابية في "الندوة الوطنية لدراسة مخرجات الحوار الوطني حول إصلاح المنظومة التربوية" المنظمة من قبل وزارة التربية وشريكيها في قيادة هذا الحوار، أملا في انفتاحهم الحقيقي على الائتلاف المدني ومقترحاته الاستراتيجية بشأن الإصلاح التربوي، نعلن عن انسحابنا من هذه الندوة، وذلك بعد أن تيقنا من عدم جدوى مواصلة العمل في الورشات المنظمة فيها، بما في ذلك ورشة المبادئ العامة التي انخرط فيها ممثلان عن الائتلاف في اليومين الأول والثاني من الندوة.

وبهذه المناسبة نرى أنه من واجبنا تقديم توضيحات عن موقفنا هذا للرأي العام الوطني، خاصة وأن الأمر قد تجاوز مجرد عدم أخذ المشرفين على عمل ورشة "المبادئ العامة والأطر المرجعية للإصلاح" بعدد من اختيارات الائتلاف الاستراتيجية التي أعلن عنها في كتابه الأبيض لإعادة بناء المنظومة التربوية، ليلحق الحيف بعدد من المخرجات والتوصيات بالغة الأهمية التي جاءت في "التقرير التأليفي للحوار الوطني حول إصلاح المنظومة التربوية" والتي تم نسفها بالكامل من قبل المشرفين على تلك الورشة، في استخفاف فاضح بإرادة جمهور الفاعلين التربويين الذين تمّت استشارتهم يومي 15 و16 ماي 2015 في جهات مختلفة من البلاد.

إن أبرز التوصيات والبدائل الاستراتيجية التي جاءت في التقرير التأليفي الخاص بمخرجات حوار الجهات حول إصلاح المنظومة التربوية والتي رفض المشرفون على ورشة المبادئ العامة- بمن في ذلك المكلّف بمتابعة ملف الإصلاح التربوي في وزارة التربية- التنصيص عليها في التوصيات الختامية للندوة، هي التالية:

- بناء ميثاق وطني للتربية (النقطة الفرعية الأولى، من البديل الأول من عنصر البدائل، باب السياسات التربوية والمبادئ العامة، في التقرير التأليفي للحوار الوطني، ص. 8، والتي وردت كنقطة ثالثة في عنصر "إصلاح المنظومة التربوية في شكل إحداثات"، في الكتاب الأبيض للائتلاف لإعادة بناء المنظومة التربوية، ص. 46).

- إنشاء مجلس أعلى للتربية (النقطة الفرعية الثانية من البديل الأول من عنصر البدائل في باب السياسات التربوية والمبادئ العامة، من التقرير التأليفي لوزارة التربية وشريكيها، ص.8، وهي نفسها البديل الرابع من العنصر الثالث من مخرجات الورشة الثانية المتعلقة بتطوير المكتسبات، من نفس ذلك التقرير، ص. 25، وهي نفسها أيضا البديل الأول في مخرجات الورشة الرابعة الخاصة بالحوكمة الرشيدة والتسيير من تقرير وزارة التربية وشريكيها، ص. 49، والتي وردت كأول نقطة في عنصر الإحداثات المؤسسية في الكتاب الأبيض للائتلاف، ص. 45).

- إحداث معهد وطني للتقييم التربوي) النقطة الفرعية الثالثة من البديل الأول من عنصر البدائل، في التقرير التأليفي لوزارة التربية وشريكيها، ص.8، والتي وردت كثاني نقطة في عنصر الإحداثات المؤسسية في الكتاب الأبيض للائتلاف، ص. 45).

- بعث كلية تربية (البديل الأول من العنصر السادس من مخرجات الورشة الثانية المتعلقة بتطوير المكتسبات، من التقرير التأليفي لوزارة التربية وشريكيها ، ص. 31، والذي ورد كرابع نقطة في عنصر الإحداثات المؤسسية في الكتاب الأبيض للائتلاف، ص. 46). وقد تُعلّْل في هذا الرفض بالمستوى الضعيف لكليات التربية في العالم العربي، وتغافلت قيادة الإصلاح التربوي الحالية عن المستوى الممتاز لهذه الكليات في البلدان المتقدمة التي يمكن الاستئناس بتجاربها في هذا المجال. كما تم الترويج في هذه الندوة لمقترح العودة إلى مدارس مهن التربية، بينما ما تحتاجه المنظومة التربوية المتطورة يتجاوز بكثير مجرد تخريج مدرسين يتلقون تكوينا سريعا في ستة أشهر أو ثلاثة أشهر، إلى تخريج كل ما تحتاجه هذه المنظومة من موارد بشرية وكفاءات متخصصة في الهندسة التعليمية وبناء المناهج والتكوين والتقييم التربوي والبحث التربوي والتدريس الجامعي..الخ.

ولقد اعتبر المشرفون على ورشة المبادئ العامة المنعقدة في الندوة الوطنية الجارية حاليا في المعهد الوطني للغات بضفاف البحيرة، أن القبول بالميثاق الوطني للتربية (والتكوين) في عنصر الأطر المرجعية، الذي هو العنصر الثامن الوارد في جدول أعمال هذه الورشة، من شأنه أن ينهي أعمال هيئة قيادة الإصلاح التربوي ويُبطل ندوتها الخاصّة بدراسة مخرجات الحوار الوطني حول إصلاح المنظومة التربوية، المتعلقة بجزئيات هذا الإصلاح، والممهدة في تقدير هذه الهيئة للصياغة النهائية لمشروع الإصلاح التربوي، وذلك لأن التسليم بضرورة وضع ذلك الميثاق يعني التسليم بضرورة بعث المجلس الأعلى للتربية (والتكوين) الذي يعود إليه أمر صياغة ذلك الميثاق، وهو مجلس يختلف في تركيبته ضرورة عن تركيبة الهيئة الحالية لقيادة الإصلاح التربوي.

وعلى صعيد آخر، رفضت القيادة الحالية لإصلاح المنظومة التربوية اعتماد منهجية علمية تحت مسمّى "هندسة إصلاح المنظومات التربوية"، القاضية باختيار مدخل (براديغم) لوضع استراتيجية متّسقة للإصلاح التربوي المنشود وتنفيذه، تؤخذ منه مختلف معايير التقييم والإصلاح. وعليه، فإن التمشي المعتمد من قبل هيئة قيادة الإصلاح التربوي لا يقدّم ضمانات علمية لإنجاح الإصلاح المرتقب.

مع الملاحظة أن قناعات المشاركين في باقي ورشات الندوة لا تلتقي ضرورة مع ما تتمسك به هيئة قيادة إصلاح المنظومة التربوية، سيما في النقاط والقضايا الاستراتيجية التي تمت الإشارة إليها أعلاه.

آخر نقطة هامة لم تلق ترحيب المشرفين الحاليين على الإصلاح التربوي من المشرفين السابقين على إصلاح 2002، هو إيلاء قضية القيم ما تستحقه من عناية في باب مبادئ النظام التربوي المنشود، بدعوى أن قيم حقوق الإنسان وقيم الثورة تغني عما سواها، بينما ما نشاهده اليوم من عنف في المدارس وخارجها وهبوط أخلاقي وقيمي عام في المجتمع يستوجب العودة إلى قيمنا وأخلاقنا الأصيلة التي فيها توقير الكبار واحترام العلماء والمعلمين وآداب التعامل والتخاطب مع الغير.

لكل ما سبق، ولما لمسناه من قبل المشرفين الحاليين على ملف الإصلاح التربوي من ضيقٍ بوجهة نظر الائتلاف وصدٍّ لمقترحاته التي تمسّ عمق القضية المطروحة والتي تتطابق مع العديد من التوصيات التي جاءت في التقرير التأليفي لمخرجات الحوار الوطني حول إصلاح المنظومة التربوية، ونظرا لإصرار هيئة قيادة إصلاح المنظومة التربوية وعلى رأسها المكلف بمتابعة ملف الإصلاح التربوي في وزارة التربية على المضي قُدُما في نفس التمشي المخالف للرؤية الاستراتيجية العلمية والمؤسسية للإصلاح، وتعبيره الصريح عن ذلك، فإننا نعلن في الائتلاف المدني:

- عدم استعدادنا لأن نكون شهداء زور على ما يجري من إخلالات فادحة في مسار إصلاح المنظومة التربوية بقيادة الهيئة الحالية لهذا الإصلاح؛

- انسحابنا من الندوة الوطنية لدراسة مخرجات الحوار الوطني حول إصلاح المنظومة التربوية، هذه الندوة التي لم يحترم المشرفون عليها أهم ما اُؤتُمِنوا عليه من توصيات ذات قيمة استراتيجية من قبل جمهور الفاعلين التربويين المشاركين في ذلك الحوار.

- عزمنا على مواصلة النضال من أجل إعادة بناء مسار الإصلاح التربوي على أسس تشاركية وعلمية ومؤسسية سليمة، بمساعدة كل القوى الحية في البلاد.

عن الائتلاف المدني لإصلاح المنظومة التربوية

د. مصدق الجليدي المنسق العام للائتلاف

أ.د. محمد بن فاطمة منسق اللجنة العلمية للائتلاف

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات