هنية " الترنكوشة"

Photo

ماتت خالتي رحمها الله منتصف التسعينات، وتزوج عمي بعد شهرين، فخلف الحدثان لوعة كبيرة لدى هنية، ونقمة لا تضاهَى على جنس الرجال، وكانت تكرر أمامي:

-والله وليدي الراجل لا يستحي ولا يحفظ العشرة!

ومنذ وفاة خالتي وزواج عمي، رسخت لدى هنية قناعة بأن والدي سيفعلها هو أيضا ويتزوج بمجرد أن " تتوكل".. فغدت حريصة كل الحرص على صحتها حرصا بلغ حدّ الهوس! فكانت تسارع للطبيب لمجرد شعورها بأي توعك مهما يكن بسيطا، وكانت شديدة الحرص ألا يطّلع الوالد منها على أي مظهر من مظاهر الضعف أو الوهن، فكانت، وبمجرد أن تستشعر وجوده في المنزل، تتحامل على نفسها وهي طريحة الفراش فتدّعي أنها بخير وأنها لا تشكو المرض:

-وليدي ما نحبش ابيّك يقول هاي ولاّتْ عزوزة ويلزمني نبدّلها! تهمس لي عندما أُذكّرها بأن الطبيب طالبها بالراحة التامة!

-يا هنية والله لا يلقى كيفك، راك آخر كعبة في شمال إفريقيا!

تضحك رحمها الله ملء فيها، وتجيبني :

-زعمة وليدي؟ لا لا والله كبرت، أما أنت تشوفلي بعين أخرى!

وأحاول أن أزيح عنها كابوس الخوف :

-أنتي هنيّة ماوْ حُطِّي الحطّة، وحنِّي واعملي شوية كُحل باش تباني ترنكوشة، تي بالله اشنوة ناقصك؟

ويغلبها الضحك مرّة أخرى قبل أن تعترف لي متحسرة:

- ورأس ولدي لا عاد يفيد فيها كْحُلْ ولا حِنّة!

وكان الوالد، الكافي ، المولع بالدعابة، على دراية بما تخشاه منه فكان لا يتردد أن يضاعف خوفها وشكوكها، وبمجرد أن يلاحظ بُطأها في تلبية ما يطلبه منها، يسارع إلى تنبيهها متكلفًّا الجِدّ:

- تي هاك ما عادش تنجّمي، ظاهر لي يلزمني مرا جديدة!

ولم تكن رحمها الله تحتمل هذا التّعليق فكانت تنظر لي نظرة ذات معنى هامسة لي:

- والله لاهو يفدلك، أُبيّك يعملها

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات