النصر الأخلاقي أعلى من النصر العسكري/ بروك و شلر / في أدب الشرقاوي المتلألأ في سماحة صلاح الدين

عبد الرحمن الشرقاوي

الأديب والمؤرخ المصري الثوري والمحارب كالروائي وكشاعر مسرحي الذى رحل عن عالمنا في ثمانينات القرن الماضي هو من استحدث في أعماله الأدبية فكرة البطل المنتصر العادل من خلال فكرة توزان معادلة الانتصار وعدم الظلم في ذات الوقت وأن النصر الحقيقي هو الذي يرحم ولا يبطش أي النصر أخلاق رحمة قبل قوة بطش.

أنه سؤال عميق طرحه في أعماله كيف يكون قائد المعركة بطلا منتصرا دون ظلم أو بطش عند هزيمة الأعداء ولذا يعد واحد من عباقرة الفكر العربي في التاريخ المعاصر ورغم انه حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1974 والتي منحها له الرئيس الراحل أنور السادات، كما منحه معها وسام الآداب والفنون من الطبقة الأولى ولكنه لم تسلط عليه الأضواء مثل أعمدة الأدب المصري المعاصرين لزمنه.

وأصبح في طي النسيان سريعا عند كثير من شباب الجيل الجديد ولنقربه للقارئ أكثر وهو من أخذ عن أعماله الأدبية عدد من أهم الأفلام المصرية المعروفة مثل فيلم الأرض الذى أنتج عام ١٩٧٠ هذا غير اهم الأعمال التي عرضت عالميا وهو المأخوذ عن مسرحيته مأساة جميلة الذى أنتج فيلم سينمائي في عام ١٩٥٨ بعنوان جميلة بو حريد وشاركه كتابة السيناريو في العمل الأديب الراحل نجيب محفوظ ويوسف السباعي وهما الذين شاركوه كتابة سيناريو فيلم صلاح الدين الأيوبي عام ١٩٦٣ ولكن الشرقاوي كان أديب مختلف حيث كان له خلفية شعرية متأثرا بعملاقة الشعر العربي مثل الجاحظ والمتنبي كما تظهر في خلفية أعماله الفكر الغربي من حيث دمج القالب الدرامي بحوار شعرى مسرحي ولذا كان تأثره بفكر الشاعر والأديب الذى رحل شابا عن عالمنا في بدايات القرن العشرين البريطاني الأصل روبرت بروك ،الذى كتب عن الحرب ذات الطابع المثالي خلال الحرب العالمية الأولى، خصوصًا مسرحيته ”الجندي”.

ولكنه كان محل انتقاد لرؤيته الرومانسية المبالغ فيها للحرب، كما ازداد اهتمام شيلر بالتاريخ، الذي اعتبره المنبع الحقيقي للتجارب الإنسانية. ومن كتابات شيلر التاريخية: تاريخ سقوط الأراضي الواطئة إيمانا بضرورة الأخلاق في الحرب أما اذا رابطنا تأثر الشرقاوي بروبرت بروك نجده ليس فقط في تقديم العمل الدرامي فى قالب شعري مسرحي ولكن في فكرة تقديم البطولة من خلال فكر تسامحي وليس عدواني وكذلك الأديب الألماني شلر الذى كتب بفكر درامي من خلال إبراز عنصر التسامح.

اينعم أعمال الشرقاوي تتميز بالثورية ولكن من أجل توضيح عنصر البطولة وليس لتقديس فكرة الحرب وقد ظهرت الثورية خلال مسرحيتيْن شعريتيْن "النسر والغربان" و"النسر وقلب الأسد"؛ حيث تدور أحداثهما في إطار تاريخي من خلال حروب صلاح الدين ضد الصليبيين وقيامه بتوحيد الصفوف ثم دعوته للسلام.

هنا تناول الشرقاوي صلاح الدين… الإنسان قبل القائد. الشيء الأجمل في شخصية صلاح الدين إنه انتصر عسكريًا بشجاعة ولكنه انتصر إنسانيًا برحمة لم يقتل الأسرى ولم ينتقم من الصليبيين لم يُهِن الضعفاء أو المدنيين وفتح القدس بدون مذابح… لأنه كان يرى أن النصر الأخلاقي أعلى من النصر العسكري. كان يُجسّد فكرة: "العدل أساس القوة… والرحمة لا تُناقض الحزم."

وهنا المقارنة وجبت بين الوضع الحالي للفلسطينيين من حصار، قتل مدنين، فكرة إجبار على التهجير بالقوة ،انتهاك لحقوق إنسانية أساسية.

هنا السؤال كيف يكون القائد بطل دون ظلم

أولا: لأن صلاح الدين قدّم نموذجًا للعدل حتى مع “العدو” المفارقة إن: الصليبيين احتلوا القدس بمذبحة دامية بينما صلاح الدين حررها برحمة وإنسانية.

في الوقت الذي يتعرض فيه الفلسطينيون لظلم يومي، يظهر صلاح الدين كنموذج لما يجب أن تكون عليه القوة العادلة غير الانتقامية. فكلما زاد الظلم في فلسطين… زاد حضور صلاح الدين كرمز أخلاقي، قبل أن يكون قائد عسكري.

الخلاصة: الشرقاوي أعطانا صلاح الدين كإنسان وكرمز أخلاقي، بينما التاريخ يعطيه كرمز سياسي وعسكري.

كما استخدم الشرقاوي حوارات غالبًا مليئة بالشعرية والفلسفة، فتجعل المشاهد أو القارئ يشعر بصدق القرارات وعمق الموقف.

الشرقاوي هنا يصوّر لحظة النصر كاختبار أخلاقي أكثر منها كاختبار عسكري: “هل ستصبح القوة وسيلة للظلم، أم أداة للعدل؟”

ارجع للربط بالواقع الفلسطيني اليوم :

إذا نظرنا إلى ما يحدث مع الفلسطينيين اليوم: الظلم واضح ومباشر: هدم بيوت، تهجير، حصار، قتل المدنيين.

الاختلاف عن صلاح الدين: القوة هنا تُستخدم للبطش، لا للعدالة.

خلاصة ما قصده أن الرسالة الأدبية تصبح خالدة عندما تدمج القيمة الأخلاقية مع الجمال الفني والصدق الإنساني… وهذا ما يميز عظماء الأدب ويخلد اعمالهم .

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات