حشاد العظيم.. ومعجزته!

لم أدرس "علم التاريخ"، رغم أنني أعشقه منذ قرأت في شبابي هشام جعيط وعبد الله العروي ووجيه كوثراني.. والعقل الفذّ ابن خلدون. لذلك لست مؤهلا لكتابة كلام علمي أكاديمي حول حشاد، ولكنني أدّعي أنني كنت أحدس دائما، بناء على قراءاتي لمن ذكرت وعلى مقارنات واسعة، عظمة حشاد في السياق التونسي والعربي والدولي الذي ظهر فيه!

أكتب عنه الآن لسببين :

- الأول.. أنني قرأت كلاما سخيفا لبعض النشطاء السياسيين المتطفلين على السياسة وعلى التاريخ. كلام، لا فقط يشكك في نضالية حشاد، بل يقرر بيقين جاهل أنه كان عميلا للمخابرات الأمريكية! هكذا بكل خفة معرفية وتجرّؤ مجاني على "علم التاريخ"!

والمتطفلون على المعرفة التاريخية يكفي أن يقرؤوا معلومة طائشة وردت في كتاب "مجهول" لا يمتلكون الكفاءة العلمية لتقييم مصداقية كاتبه، حتى يتلقفوها بفرح أبله ويسارعوا إلى نشرها.. فقط ليثبتوا أنهم ينتمون إلى تيار "النقد والمراجعة".. يعني تيار "سي الطيب" متاع التاريخ..!

مؤخرا قرأت عرضا للجزء الثالث من سلسلة كتب ألفها الجامعي الأسعد الواعر ضمّنها كل المقالات التي كتبها حشاد في الصحف باللغتين العربية والفرنسية.. وفوجئت بأنها تناهز ال600 مقالا! والمفاجئ أكثر أنه بدأ الكتابة في الصحافة وعمره 16 عاما فقط.. وأنه انخرط في العمل النقابي قبل ذاك العمر!

مؤلف الكتاب، وهو أستاذ جامعي في "فلسفة التاريخ السياسي"، يقول أن حشاد كان ذكيا ومثقفا.. وكاتبا!

- والثاني أن استعادة الاتحاد العام التونسي للشغل لدوره الوطني في سياق هذه الأزمة السياسية التي تهدد وجود الدولة، والذي لا يمكن أن يلعبه سواه، هو عندي واجب أخلاقي وسياسي وتاريخي! واجب على قيادته أولا، وعلى نخبة السياسة.

الاتحاد هو من دون مبالغة "معجزة حشاد".. في سياق تونسي وعربي متخلف لم يكن ليعرف النقابة لولا ألمعية هذا الرجل!

أعرف طبعا أن الاتحاد الآن محاصر بين ثلاثة مآسٍ:

الشيطنة الشعبوية التي يشنها ضده أنصار الانقلاب وأنصار المعارضة ممن يحمّلونه مسؤولية إسناد الانقلاب.

الاستهداف الصامت من طرف النظام بإلغاء دوره عمليا.. أي وجوده!

والأخطاء الكارثية التي ارتكبتها قيادته منذ انخراطها الطفولي في مساندة الانقلاب وفقدانها لشجاعة مراجعة موقفها!

من الإجرام أن تؤول معجزة حشاد إلى هذا الوضع..!

تبا!.. على أمل..!

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات