لم تبقى سوى معركة الأجساد

احتاج التّونسيون أن تقوم الثّورة وتتشكّل هيئة الحقيقة والكرامة حتّى يصدّقوا ما حدث من انتهاكات وفضاعات داخل السّجون في عهد بن علي. كانت الشّهادات المقدّمة تبكي النّاس من فرط وحشيّة الأفعال ضدّ المعتقلين، وحشيّة كانت تغطّي عليها وكالة الاتّصال وإعلام التّزييف والكذب المتواصل والفادح.

اليوم، سنحتاج ربّما وقتا آخر ( لا أدري هل سيطول أم سيقصر ) حتّى تخرج شهادات المعتقلين يوما لنتبيّن أنّنا لم نغادر منطقة الرّعب وأنّ عشريّة الحريّة لم تستطع رغم سيلانها الظّاهر والغوغائيّ أن تخلخل أجهزة الرّعب القائمة وآلياتها وثقافتها.

لاتزال المعضلة قائمة ومتمدّدة، وستنتج في أعماق التّونسي إمّا الرّغبة في الفرار، أو الغرق في اليأس و البلادة الفكريّة، أو المواجهة الفرديّة المستحيلة.

وسط ذلك، وفي انتظار أن تصغي الأجيال القادمة إلى الشّهادات يوما ما، لم تبقى سوى معركة الأجساد، ولغة الجسد الجائع والمنهك والوحيد، التي تقول إنّ وجودنا هنا موغل في الرّعب، وأنّ ثمن مقاومته باهظ جدّا، حتّى أنّه لا يستطيعه كلّ النّاس.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات