أنصار الرئيس محرجون إلى درجة كبيرة. إلى درجة أن الشمّاعة الوحيدة التي تواري العورة الفاضحة هي "المؤامرة ضد الرئيس" و هي في الحقيقة إمتداد لخطاب قيس سعيد حول الصراع بين "النظام و المنظومة".
في قضية الحكم بالإعدام على مواطن تونسي غير ناشط سياسي من أجل تدوينة أعتبرت مسّا من الذات الرئاسية، هذا الحكم الذي أجبر وزارة العدل على إتخاذ إجراءات تعتبرها عقابية (هل النقلة لقفصة عقاب في نظام الحكم السعيد ؟) مع تجريد رئيس الدائرة من صفته.
هذا الحكم نظرا لبشاعته وجد صدى في وسائل إعلام كل العالم .. و هذا لا يضر بالقضاء أو الحكومة أو الرئيس فقط، بل هو يعطي صورة سيئة جدا على بلادنا و على شعبنا و على سلطة الحكم فيها ..
فكرة المؤامرة ضد الرئيس من أغبى الحجج التي يمكن أن تستعمل. لماذا ؟ لأن الوضع أعقد من ذلك كثيرا:
أولا- هو حكم جماعي حكمت فيه هياة بخمسة قضاة أجمعت على الحكم.
ثانيا - الدائرة الجنائية هي المرحلة الرابعة في المسار القضائي الذي أوصل لهذا الحكم و الذي يبدأ بالبحث الأمني ثم الإحالة على حاكم التحقيق ثم الإحالة إلى دائرة الإتهام و التي تشتمل نظريا على مراحل الإبتدائي و الإستئناف و التعقيب قبل أن تحتل القضية على الدائرة الإبتداية الجزائية و التي أصدرت حكم الإعدام.
هذا الحكم ما كان ليكون لو لم يتم توصيف الجرم في كل المسار السابق توصيفا يسمح بإصدار حكم الإعدام.
علما و أن المتهم يقبع في السجن منذ جانفي 2024 في إنتظار كل هذا المسار ..
معنى هذا الكلام أن المناخ القضائي السائد اليوم في بلادنا هو المتسبب في مثل هذه الأحكام الجائرة و الموغلة في الظلم بسلب الحياة من أجل تدوينة.
قيس سعيد ، كرئيس للسلطة التنفيذية و مكرس لدستور إعتبر القضاء وظيفة و قابلا أن تكون السلطة التنفيذية مارقة لا تطبق قوانين المحكمة الإدارية منذ سنين و كذلك بعدم إرساء المؤسسات المكفولة في كل الدساتير و منها المجلس الأعلى للقضاء و المحكمة الدستورية ، يُعتبر المسؤول الأول عن هذا المناخ في المرفق القضائي.
لا يمكن أن تدار الدولة بالفيسبوك، و لا يمكن أن يكون النقاش العام في الفيسبوك فقط بعد أن قررت اغلب وسائل الإعلام التخلي عن الكلمة الحرة و عن النقاش الحر. مرة أخرى رئيس الدولة هو المسؤول على هذا المناخ السالب للحريات و المنافي لمبدأ التعاقد الإجتماعي و لا يكفي أن يقول أنه لا يتدخل في القضاء لكي يتخلص من مسؤوليته المباشرة في هذا الوضع.