لو كنت من منظّمي أسطول الصمود المتجه نحو غزة التي تُباد أمام كل سكان الأرض العجزة، لما التفتّ مطلقا إلى هويّات المشاركين الدينية أو الايديولوجية أو الجندرية.
مجرّد أن يتطوّع معي كائن إنساني للمشاركة في مبادرة إنسانية مقدسة هدفها ايصال جرعة دواء أو شربة ماء لإنسان محاصَر يحتضر أو رضعة حليب لرضيع ماتت أمه وتركته، يصبح هذا الكائن أقرب إلي من شبيهي في العقيدة أو الايديولوجيا.. فما بالك بشبيهي "الجندري".
المتطوّع للذهاب إلى غزة يتطوّع للموت فداءً لقيمة وحيدة: قيمة الإنسان. وليس صحيحا أن المتطوعين لديهم تطمينات بالحماية وضمانا بالعودة، فالجميع يعرف أن الكيان النازي لا عهد له ولا يحرجه البتة أن يغرق كل أسطول الصمود دون أن يرفّ له جفن، فهو يعرف أن الرأي العام العالمي سيضجّ أياما ثم ينسى.
والتعلل باتفاق سابق حول عدم إعلان الهويات ليس إلا لغوا!
هوية كل المشاركين في الأسطول أثناءه هوية واحدة.. "مناضل إنساني شريف".. فقط.
أن أرفض أن يكون إلى جانبي كويري أو بُقيْري وأنا في طريقي لمحاولة فك الحصار عن غزة المحترقة، يعني أنني أقول للصهاينة النازيين: "خوذوا راحتكم واقتلوا واحرقوا وأبيدوا كيما تحبّوا! الله غالب كنت ناوي ناقف مع الغزاويين آما ها الكويْري فسّدلي برنامجي! استنّاوي برك غير يروّح الكويْري الاّ ما نورّيكم يا حلالف!".
من يرفض المشاركة في مهمة إنسانية مقدسة بتعلاّت سخيفة كهذه يمكنه للأسف أن يتعلل بنفس الأسباب ليرفض مقاومة العدوّ لو يقع احتلال أرضه هو!
هو فساد في العقل.. لا أكثر ولا أقل...
تبا.