استمعت الى كل خطابات وتصريحات قيادات الاتحاد بعد واقعة ساحة محمد علي وبعد خطاب رئيس الجمهورية فوجدت انهم قد ناقشوا الجميع ولكنهم لم يجيبوا الرئيس الذي قال لهم.:
- انتم لستم نقابيين مثل محمد علي والحداد وحشاد. فهم نقابيو نهج الجزيرة ونهج الكوميسيون وانتم نقابيو النزل الفخمة والمطاعم الفاخرة .
- انتم لستم يسار الشهيد فاضل ساسي فقلوبكم على اليسار ومحافظ نقودكم على اليمين .
-من حق المتظاهرين أن يرفعوا ما أرادوا من شعارات في أي مكان ومن تظاهروا في أوت ليسوا من أسالوا الدماء منذ سنوات فلا مجال اذن للمقارنة .
- والأهم من ذلك أن رئيس الجمهورية قال لهم انه ( أي السلطة الحالية ) هو النقابة الحقيقية التي أنصفت الطبقات الشعبية وانه هو الوريث الوحيد لليسار الحقيقي وبمنطق الفرز انتم في الصف المقابل للشعب ولليسار الفعلي .
تركت كل القيادات الإجابة على هذا الخطاب وانبرت تجيب معارضتها النقابية وخصومها السياسيين وتستحضر التاريخ " المجيد " للاتحاد وصراعاته مع أعدائه في الماضي واتجهت هذه القيادات الى تناسي خطاب الرئيس واهتمت بلعن خصومها التقليديين رافضة كل مراجعة لتعاملها مع الأطراف السياسية ولطريقة تعاطيها مع مسار الانتقال الديمقراطي .
لم تدافع هذه القيادات عن نفسها ولم تناقش خطاب الرئيس لتبين ان قادة الاتحاد الحاليين هم نقابيون في نفس خط الزعماء المؤسسين وانهم يساريون ( أي منحازون للمستضعفين) وانهم حققوا مكاسب للشعب كما لم تبين هذه القيادات في ردودها كيف انهم اعتبروا التظاهر في ساحة محمد علي ضدهم هو بمثابة اعتداء على المنظمة على عكس ما قال الرئيس .
اكثر من العجز عن صياغة خطاب سجالي مع خطاب الرئيس ذهبت كل خطابات القيادات النقابية الى التذكير بولاء الاتحاد الحالي للسلطة وتمسكه بخيار 25 جويلية واستمرار معارضته للمعارضة والتمايز عنها ورفض الالتقاء مع مواقفها بل تم الإيحاء برفض كل مساندة من هذه المعارضة واعتبار أن كل مساندة أو دعوة للاتحاد بالصمود هو مجرد تحريض وتوظيف للمنظمة وانهم كقيادات لن يقعوا في هذا " الفخ" .
في المحصلة العامة لتحليل الخطاب النقابي الحالي نحن أمام نبرة حادة تتكلم بها القيادة النقابية مع الطبقة السياسية لتخفي خطابا متفسخا أمام السلطة وهذا دليل على أن السلطة تتمتع بأسبقية معنوية في مواجهة قيادة منظمة لا تملك قدرة لنفي ما يقال عنها من الغاضبين سواء كانوا سلطة أو خصوما سياسيين أو معارضة نقابية أو من عامة الناس بمن فيهم القواعد .