في أسئلة النصر والهزيمة والبحث عن النياشين !

اولا دعنا نتفق ان الحرب بين ايران والكيان المجرم لم تنته.. انتهت جولة من معركة.. اما الحرب فهي حرب وجود ولن تنتهي الا بزوال احدهما.. حتى لو تغيّرت جينات النظام الايراني كليا وبات وديعا، مطيعا، شبيها بمن في جواره !!

ولنتحدّث بهدوء ودون انفعالات وجدانية، ونقارن نتائج المعركة بالاهداف المعلنة منذ البداية .. لنشخّص مكامن النصر والهزيمة ؟

الواقع يقول أن ايران لم تنهزم ولكنها خرجت مثخنة من المعركة، لم تنهزم بحسابات المعتدي نفسه ، فالانتصار يتحقق بتحقق الاهداف.. ماهي الاهداف الذي وضعها الكيان المجرم والكفيل الامريكي عندما بداية الحرب ؟

الاهداف كانت، القضاء على البرنامج النووي، تغيير النظام، والاستسلام الغير مشروط كما اعلن ترامب !

-لم ينته البرنامج النووي باعتراف مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية غروسي الذي طالب بضرورة عودة المفتشين ، بل وزاد الوضع تعقيدا لأنه حسب تصريح غروسي امس، لا أحدا يعرف اين ذهبت اليوم باليورانيوم المخصّب ! ورغم ان هذه المعركة ستضعف موقف ايران في المفاوضات القادمة الا انها ستواصل تمسّكه بحلمها الكبير.

-لم يتغيّر النظام، فقد أقوى رجاله في اول ايام الحرب وأهم علمائه ولم يسقط.. تصوّر تحكم دولة وتكتشف حجم الاختراق الكبير الذي تعيشه وانت تحصي جثامين قياداتك.. وانت في حالة حرب ولا تعلم من الصديق ومن العدوّ والخونة اصلا ربما يقودون الدولة !! تخيّل قوة الجلد ورباطة الجأش لتسطيع ان تسيطر على فوضى داخلية في قلب الدولة وبذلك الحجم وانت الذي فقدت منذ اشهر رئيس دولة مع أقوى رجاله في حادثة اغتيال مفتعلة! هنا تحديدا نفهم قوة التحمّل الكبيرة لشخصية الايرانية.

-نأتي الان الى شروط ذلك الاستعراضي المتطاووس ترامب حول الاستسلام بلا شروط، الذي قال بأسلوب ميليشاوي "خامئني نعرف اين تختبئ ولكن لن نقتلك الان " ثم هاجم فوردو ونطنز واصفهان واقام ليلة احتفال مجنونة لنكتشف لاحقا ان طائرات الشبح لم تنل مركز التخصيب في فوردو وان اليورانيوم بخير وان لا تلوث اشعاعي في المكان حتي غروسي قال ان فوردو لم يتضرّر كليا .. وهنا اريد ان الفت نظر المنبهرين بهذا الجنون:

لماذا يا ترى لم تضرب امريكا بوشهر وتنهي القصة فعلا وقولا.. ببساطة لان بوشهر قصة اخرى في اليرنامج النووي ككل وضربه يعني الدخول مباشرة في حرب نووية وديمونه سيكون التالي .

ولنتحدث قليلا عن شروط انهاء الحرب وليس الاستسلام، وضعت ايران شروط في حرب فرضت عليها، وهي الردّ على الهجوم الامريكي بالاساس.. نعم وضعت ايران شرط الرد، غادرت صواريخها قواعدها وضربت قواعد امريكية في ترجمة لمعنى الغرور الفارسي ..

كان ذلك اتفاقا ، تسوية، سمّيه ما شئت ولكنها الدولة الوحيدة التي وجهت صواريخها لقاعدة امريكية وخرج بعدها رئيس امريكي ليقول "العالم يحتاج السلام الان".

القوي يُقرأ له حساب ومن قاتل بندية يفرض كلمته.. تخيّل لو كانت ايران ضعيفة وهشَّة هل كان ترامب سيقبل بكل تلك التسويات المشتركة (فوردو - العديد).. هم يعلمون تماما واكثر من الجميع ماهي تحديدا الاوراق التي ما زالت تملكها !

بالنسبة للقوة الصاروخية الضاربة، فاعتقد ان الجميع تفاجئ بتلك القوة المرعبة، واعتقد هنا ان الكيان بعد التسرّع في الضربة الأولى وعدم دراسة الخصم بشكل جيدا كان يحتاج لالتقاط انفاسه ليفهم.. وامريكا كانت على وعي بذلك..

أكثر من 600 صاروخ بالستي وفرط صوتي اصابت عمق الكيان .. قوة رعب مخيفة تركت دمارا لم يسبق ان عاشه الكيان، الذي اصبح مهدّدا في وجوده بعد حملات الفرار الجماعية.. فالاخطر من الصواريخ هو اقتناع اليهود ان دولة الكيان لم تعد آمنة !

يعلم الكيان كما تعلم امريكا ان القوة الصاروخية الايرانية تم استغلال ربعها على اقصى تقدير وان هناك صواريخ لم تدخل الخدمة بعد مثل خرمشهر 1 و صواريخ "كروز" الجوالة و حتي لو استهدفت قواعد الاطلاق.. فهناك دائما قواعد اطلاق .. و الصواريخ ما زالت تصل الي كل شبر فس الارض المحتلة متي ارادت ايران.

في المقابل ،خسر الكيان تلك الصورة المهيبة التي صنعها لنفسه طوال عقود، خسر ثقة المستوطنين والشتات، اصبح كيانا منبوذا من كل شعوب العالم.. وتتحمله بعض الحكومات لقوة اللوبي اليهودي الذي يتحكّم في صنع القرار العالمي ويخترق كل المنظمات الاممية ويسيطر عليها.

بالاضافة الى الخسائر الفادحة في منشآت حيوية واستراتيجية التي دُكّت بالصواريخ !

بحسابات الحقل والبيدر، نجت ايران من كماشة رهيبة باضرار يمكن معالجتها، ولو ان خسائرها فادحة خاصة في العنصر البشري ولكن اهم ما تتمسّك به ايران وتقاتل من اجله منذ سنوات هو النووي وهي ما زالت تملك احلامها.

وبحسابات الحقل والبيدر، توسل الكيان المجرم ترامب كي يتدخل ويفعل شيئا من اجل ايقاف الحرب التي لا يستطيع الصمود فيها اكثر!!

ماذا عن غياب غزة من هذه التسوية الجديدة، ايران من خلال اذرعها في المنطقة اسندت المظلومين منذ بداية الحرب وهي لم تعلن الحرب ولم تدخلها من اجل غزة بل كانت ضحية تم استهدافها دون حتى سبب منطقي الا دعمها لمن يقاوم.

هل كانت ايران تملك في هذه الحرب قدرة اشتراط وقف الحرب في غزة.. لم تكن تملك.. موازين القوى لم تكن تسمح مع محيط عربي متواطؤ و انهزامي.. مثلا قطر البارحة خرجت تندّد بالهجوم الايراني ثم بعد ساعة تتوسط في انهاء الحرب.

قبل لوم ايران ماذا فعل العرب.. ماذا فعل الوسطاء قطر ومصر.. رأينا التريلونات تخرج من الخليج الى جيب ترامب واطفال غزة يموتون جوعا.. هل تعتقدون ان العرب لا يستطيعون الضغط من اجل تسوية.. يستطيعون ويستطيعون اقناع ترامب كذلك ولكنهم اجبن من فعل ذلك.. لو كان من يقاوم وهابيّا لاختلف الامر !

لكل طرف روايته وسرديته الخاصة حول الانتصار.. ولكن كما قلت ذلك في تدوينة كتبتها في اول ايام الحرب، سنظفر "بنهاية معلقة" على كل الاحتمالات.. دون انتصار ساحق ولا هزيمة نكراء

عن نفسي سأبقى دائما في جبهة من يقاوم.. في جبهة من لا يرضخ وينتفض من اجل كرامته ويرفع هامته امام الظلم أي كان مأتاه.. من يرفع يده ويردّ الصفعة اذا تم صفعه..

من حاول ان يكون ندّا يستحق الاحترام.

Commentaires - تعليقات
Maher
26/06/2025 20:02
سننتظر المفاوضات قبل أن نحكم عن نتيجة الحرب : من المؤكد ان المشروع النووي تعطل، لكن الحلم بم ينتهي، ضعفت إيران كلاعب مهم في المنطقة لكن لم تغادر الحلبة ومازالت تحتفظ بترسانتها من الصواريخ الباليستية التي تهدد الكيان ويخشاها ترامب